لا تمد يدك تحت أبطي؛ "أنني موجوع".
"سأمسح الإستغراب عن تجاعيد وجهي، "حادث بسيط! أسقطك لتجلس على الأرض، مما وجعك ؟!.
"العراق يؤلمني ".
وأين هو العراق يا أخي !.
هنا في قلبي" .
ليس وقت الوطنية؛ دعني أحملك لعيادة الطبيب تلك.
وهل تستطيع حمل آلاف غيري؟!
ولماذا أحمل غيرك؟!
"الذي أسقطني لأجلس في الشارع، أسقط ألاف ليجلسهم مجلسي، الوطنية إكتساب، لكن حب الوطن فطرة، ولا أعتقد إن أطباء الأجساد قادرون على معالجتي.
لماذا تعتقد ذلك ؟
_فاقد الشيء لا يعطيه_ ومن فقد قلبه لا يستطيع أن يعالج قلوب الاخرين.
وهل الأطباء فقدوا قلوبهم ؟ . ولماذا ؟.
نعم فقدوا قلوبهم، لأنني فقدت سعر تذكرة الدخول إليهم.
واقع صحي مُغيب، أفقد أغلب أجسام العراقيين مناعة المرض، إن لم يدخلهم عيادة الموت، حيث يرقد المرضى، بلا توجع يُسمع، لكل يوم حكاية مع معاناة العراقيين، التي لم تنفك أن تنتهي إلا بالموت كما يرون ذلك ، عبر إستفتاء مناطقي موجز، ولعل مقدمة المقال حكاية موجزة، تُعبر عن هموم ألاف العراقيين .
ترياق سلبي، ثمن التشخيص والعلاج، هو مناعة ضد مرض الجسم، لكنه داء يفتك بجسد المجتمع، من جهة أخرى، إستوقفني شاب عشريني رأيته يسرق شيء من أحد البيوت، ما الذي دفعك على الذنب؟ قال: ما هو أعظم منه! وما هو؟؟ قال: ولدي الوحيد يعالج المرض بأنفاسه الاخيرة، وليس لدي ما يمكنني إرجاع أنفاسه الطبيعية به، إلا أموال قال لي الطبيب: أنه بحاجة ماسة إليها، لأن ولده لم يقتني جهاز (أكسبوس (XBOX) محدث لعام 2016)، وطفلته بحاجة الى دمية جديدة، إنها كرهت الدمى التي إشتراها لها قبل إسبوع .
أبلغني آحد أصدقائي، إن العشريني السارق، قد حكم عليه بالإعدام لجناية خطف وقتل، وعرفت بعدها أن الطفل الذي أختطفه وقتله، كان يطلب فدية من والده الذي هو نفسه الدكتور، ولكن لتماهل الدكتور، وتسرع الجاني أودت بحياة الشاب والطفل لعيادة الموتى، والسبب ثمن تذكرة الدخول لوالد الطفل.
بلدٌ عصف به المفسدون!، ولماذا يعصف به الإنسانيون، هل الفساد صار جزء من الانسانية؟ ولا تكتمل إنسانية المرء حتى يُفسد، مستوى عامة الناس، يتجه بمنحى معيشي منحدر نحو الأسفل، لا من يبحث عن وظيفة مُكيف للعيش، ولا من يمتلك الوظيفة مُهيَأ للحياة، رواتب الموظفين، أشبه بحاجة السوق، يقلبها المارة فينتزعها حداثتها ورونقها، لتُركن لا للمتاجرة، حيث لا تسد عن جوع ولا تغني عن فقر، موظف براتب لا يتجاوز سعر معيشته 10 أيام كيف سيحاكي أجور الأطباء وثمن علاجهم؟؟.
داء التفكك بالمجتمع يبدأ من هنا، الجريمة بواعثها من رماد الفساد، الرقابة تحقق في الطابق الاسفل، في حين أن الجريمة بالطابق الأعلى، فيوهمون المتابعين بأنهم عاملين، ويبعدون عملهم عن ما ينفع المجتمع ويعالج قضاياه،ماذا لو ؟ لا تمنح اجازة الإستطباب، إلا لمن يريد الاستغناء عن الوظيفة، عندها لا يجلس شاب أمام العيادة، لا يحمل سعر التذكرة، لأن العيادة مقفلة، والطبيب يمارس عمله بالمستشفى العام بإتقان، حفاظا على راتبه التقاعدي، الذي يحفظ حقوق اولاده .
وأخيرا؛ هنالك مشاكل وقضايا كثيرة، سببت داء المجتمع، ولعل هذه أحد تلك الأسباب، وهي غلاء تذكرة تشخيص العلاج وثمنه، وإذا ما عالجنا هذه القضية، عندها إستطعنا تحقيق شيء، من الإصلاح الذي لم يلمسه الشعب وصار في مهب ريح الفساد.
مقالات اخرى للكاتب