شرطي في محافظة نينوى ، يعني اختيار أخطر مهنة في العالم ، وقبل أيام وجهت جماعات مسلحة تحذيراً لمنتسبي الأجهزة الأمنية في المحافظة ، وأعطت مهلة أسبوع لترك عملهم ، وبخلاف ذلك سيواجهون القتل او الاختطاف او نسف المنازل ، وطيلة الأيام الماضية وردت أنباء من المدينة تفيد بان عشرات المنازل تحت التشييد تعود لمنتسبي الأجهزة الأمنية وتقع في مناطق متفرقة في نينوى تعرضت للتفجير بعبوات ناسفة ، والرسالة واضحة ، وتنطوي على تنفيذ التهديد ، في أي وقت.
نينوى مازالت تحتفظ حتى الآن بصفة المنطقة الساخنة ، نظراً لما تشهده من أحداث أمنية يومية على الرغم من وجود قوات الجيش والشرطة ، ووسائل الإعلام تنقل عن تلك القوات بانها استطاعت بسط الأمن في الكثير من المناطق ، وحققت إنجازات كبيرة في ملاحقة الجماعات المتورطة بتهديد امن السكان ، بالقتل والتهجير ، ويردد الموصليّون بان احد جانبي المدينة خاضع لسيطرة المسلحين ، وسكانه يدفعون الإتاوات ، حفاظاً على أرواحهم ، ويعيشون تحت طائلة التهديد المستمر في أحياء تنتظر التحرير من الاختطاف المستمر منذ سنوات.
واقع الحال في نينوى دفع الكثير من منتسبي الأجهزة الأمنية الى ترك عملهم ، ولدى الجهات الرسمية المحلية بيانات دقيقة عن أعداد الأشخاص الذين اضطروا وتحت التهديد الى ترك العمل ، وليس من السهولة الحصول على معلومات بخصوص ذلك ، لأنها تندرج ضمن القضايا الأمنية غير القابلة للنشر والإعلان ، ولكن ما يتردد بين الأهالي يشير الى أرقام تظل في كل الأحوال غير رسمية ، ولا يمكن الاعتماد عليها في تشخيص الظاهرة ، وبعض الجهات المعادية للعملية السياسية ، فسرتها بانها حالة تمرد داخل القوات المسلحة .
الكثير من عناصر الشرطة في العاصمة بغداد وخاصة من يقيم منهم في "مناطق ساخنة " يضطر الى التخلي عن الزي الرسمي عند انتهاء واجبه والتوجه الى منزله ، كجزء من التحوطات الشخصية لتفادي التعرض الى اعتداء محتمل ، والظاهرة انحسرت في العاصمة مقارنة بالسنوات السابقة ، وفي نينوى وبعد اكثر من عشر سنوات ، يشعر رجل الأمن هناك بانه يزاول اخطر مهنة في العالم ، لخضوعه الى مخاوف السقوط في فخ من تدبير "العلّاسة " ورفضه التحذير بترك العمل ، وهذا النوع من هواجس الخوف المتجذر في النفس لا تبددها تصريحات المسؤولين الأمنيين واستعراضاتهم الإعلامية بان الأوضاع في نينوى تشهد تحسناً امنياً ملحوظاً بفضل اعتماد خطط جديدة ، وملاحقة مستمرة للمجاميع الإرهابية بتجفيف منابعها وقطع مصادر تمويلها ، وفرض رقابة دائمة على الحدود للحد من دخول المتسللين الى الأراضي العراقية ، وكل هذه التصريحات وغيرها لم تشجع شرطي نينوى على ارتداء زيه الرسمي والذهاب الى مقر عمله ، كزميله في محافظات العراق الجنوبية .
احد منتسبي الشرطة في محافظة نينوى في حديث لصحفي اجنبي قال انه عرض بيته تحت التشييد للبيع ، منذ شهر ، وحتى الآن لم يحصل على عرض يرضيه ، لان من يرغب في الشراء هو الآخر تلقى التحذير والتهديد .
مقالات اخرى للكاتب