شخص ملتحي يرتدي لباساً يشبه لباس علاء الدين أو السندباد يكبر ومن ثم يقول سنخلي سوريا من عبادة الاصنام ثم يرمي بقوة على الارض تمثال السيدة مريم العذراء عليها السلام ويختم الفديو بـ"الله أكبر" ، أخر ولايقل وجهه ُ قباحة عن صاحبه ولايختلف سوى بالمكان يظهر من صحراء العراق يقول سأفجر نفسي وسأكون قرب الرسول بعد قليل وايضاً يختم المشهد بـ"الله أكبر" !
كلاهما يختمان حديثهما بـ"الله اكبر "، ويطمحان للقاء الرسول الذي يتوقعان إنه سيستقبلاهما بالاحضان والترحيب ، وكلاهما يحملان فكرا متطرفاً له جذور دينية بملامح تأريخية وكلاهما ايضا ينتميان إلى مايسمى الدولة الأسلامية في العراق والشام (داعش) ومتفقان على استهداف مواطنين عزل لاحول لهم ولاقوة ولاذنب سوى أن اختلافا معهم في قراءة التأريخ ومن ضحايهم من لم يقرأ التأريخ اصلا ً .
"داعش " الارهابية ليس لها هدف سياسي واضح ولم تخول اي شخص يتحدث عنها سوى مواقعها الالكترونية ومقاطع التي تبثها على اليوتيوب وهي تدل على مدى بشاعة هذا التنظيم وابتعاده عن الأنسانية والقيم البشرية ، ويمكن وصفهم بانهم وجوه بشر لكن قلوب حيوانية، بل الحيوانات ارق قلوباً واخشع .
هدف هذه المجموعة هو السيطرة على بغداد ومسك الأرض وقتل الناس والهدف الاكبر هو أثارة الحرب الطائفية بين سنة العراق وشيعته وهذا الهدف تعمل "داعش "بذكاء التبليط له ، فللاسف الشديد هناك مناطق في العراق اصبحت حواضناً معلنة وملائمة المناخ لعناصر داعش توفر لهم الدعم المعنوي والمادي والموارد البشرية ، قبل ايام قراءة تقريرا صحفيا ً يشير إلى ارتفاع اعداد الانتحاريين العراقيين على نظائرهم العرب والافغان والافارقة في العمليات الأنتحارية الارهابية في العراق بعد ان فهمت فلسفة الأنتحار المأطر بمفاهيم اسلامية بشكل سيء يتحول إلى واقع يتنامى وداعش واخواتها تعمل بجهد على السيطرة على بغداد واشاعة الخوف والقتل والدماء والدمار بين مواطنيها.
ومهما كان مانع الحرب الطائفية متين ومرن، لكنه قابل لانهيار وقت ماشعر الحكماء في الطائفتين بالملل وانعزلوا واكتفوا بهمومهم الخاصة أو الوقتية وانشغلوا عن الناس واغلقوا الأبواب بوجهمم، الحقيقة التي لاتقبل التامل او التحليل أن الوقوف على التل لم يعد اسلم بل هو شرك في قتل الأبرياء العزل الذين يساقون يوميا باجبار إلى مذابح داعش وأخواتها ، صدقوني وقوفكم على التل والاكتفاء بالتنديد والزجر والرثاء ودفع رسوم دفن الضحايا لن تقف هذا التنظيم الهائج من ان يفتك بالعراقيين ويحرق قلوبهم وينثر أجسادهم.
ثمة مواقع صديقة للتنظيم الأرهابي "داعش "تقول بغداد عاصمة داعش قريبا ً وحينها لن يكون هناك مجال للحديث أو الحوار اوحتى محاولة كتابة مقالة مثل هذه ،بل ستتحول بغداد إلى مقبرة كبيرة ومحرقة وقودها الأبرياء.
ليس من مصلحة مذهب او حزب سياسي أو محافظة أن تسيطر هذه المجاميع المتطرفة على العراق لانها لاتحترم المواثيق والعهود، ستقتل كل من يختلف معها في الفكر ومن ثم تلجأ إلى قتل بعضها البعض وتتحول من داعش إلى دواعش .
ينبغي التأكيد على أن الخلافات السياسية والمذهبية العميقة والانشغال باثارة روايات تزيد الفجوة بين السنة والشيعة عبر رجال دين لايفقهون لغة الحوار والتفاهم ويجدون لغة التصفية فكرية ومن بعدها إلى عوامل لسفك الاخر والغاءه جسدياً والرضا المبطن على تصرفات هذه التنظيمات المتطرفة عوامل حاضنة ومساعدة للقتل الأبرياء، عوامل لتحويل العراق إلى "ثلاجة للموتى" او "مجزرة للبشر" وعندها نقول بغداد =داعش بلا تردد او تجني لنفكر بالعيش بسلام ، لنفكر بان نصل إلى ماوصل إليه العالم من تقدم فقد تخلفنا كثيرا وابتعدنا عن كل شيء ايجابي وتعلقنا بالتأريخ والموت كثيرا .
مقالات اخرى للكاتب