بإعلان نتائج الانتخابات تكون كوردستان قد سجلت أروع انتصاراتها الحضارية والمدنية وقدمت نموذجا متميزا في اختيارها لمندوبي الأهالي في برلمانهم الذي انبثق قبل أكثر من عشرين عاما في بحر متلاطم من الدكتاتوريات المظلمة في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الكورد وكوردستان.
أول ما ميزها ليس هنا في العراق بل في العالم الديمقراطي اجمع هو هذا التهافت الكبير للأهالي الذي تجاوز الـ 74% من الناخبين الذين يحق لهم التصويت، ثم العدد الكبير من النساء والشبيبة اللذان أثارا إعجاب المجتمع الدولي وممثليه في كوردستان ، إلى جانب دقة التنظيم ونزاهة الإجراءات وتعاون الأهالي والحكومة من اجل إنجاح التصويت ونزاهته.
وأخيرا هذه الأرقام التي تظهر نجاحات شعب كوردستان في اصطفاء ممثليه إلى مؤسستهم العتيدة البرلمان حيث فاز الحزب الديمقراطي الكردستاني بأعلى الأصوات، وكانت النتائج وفق الترتيب التالي:
الحزب الديمقراطي الكردستاني في المرتبة الأولى بحصوله على 743984 صوتا ليفوز بـ38 مقعدا
حزب التغيير ثانيا بحصوله على 476736 صوتا ليفوز بـ24 مقعدا
الاتحاد الوطني الكردستاني ثالثا بحصوله على 350500 صوت ليفوز بـ18 مقعدا
الاتحاد الإسلامي الكردستاني رابعا بحصوله على 186741 صوتا ليفوز بـ10 مقاعد
الجماعة الإسلامية خامسا بحصولها على 118574 صوتا لتفوز بـ6 مقاعد
الحركة الإسلامية سادسا بحصولها على 21834 صوتا لتفوز بمقعد برلماني واحد
الحزب الاشتراكي الديمقراطي في كردستان سابعا بحصوله على 12501 ليفوز بمقعد برلماني واحد
قائمة الحرية ثامنا بحصولها على 12392 صوتا لتفوز بمقعد برلماني واحد
قائمة الاتجاه الثالث تاسعا بحصولها على 8681 صوتا لتفوز بمقعد برلماني واحد
وقُسمت المقاعد على النواب الرجال والنساء بواقع 77 مقعدا للرجال و34 للنساء
وفي هذه الأرقام تظهر حقائق التكوين الاجتماعي لكل حزب وحركة سياسية ومساحة كل منهم التي تفرض احترامها على الآخر وقبولها كحقيقة في التكوين الأفقي والعمودي للمجتمع السياسي الذي ناضل من اجلها البارزاني الخالد منذ أربعينات القرن الماضي ليرسي نظاما ديمقراطيا يعتمد قبول الآخر تحت سقف المصالح العليا لكوردستان وحركتها التحررية سواء أيام الشرعية الثورية منذ أيلول 1961م وحتى قيام الشرعية البرلمانية في 1992م التي اختار فيها شعب كوردستان الطريق الديمقراطي لنظامه السياسي والاجتماعي.
وخلال سنوات مضيئة من عمر تجربته بكل ما حملته من صعوبات ومآسي الحصار والصراع الداخلي ومؤامرات الأطراف الخارجية نجح الكوردستانيون إلى رفع مستوى وعيهم ومعيشتهم ومستوياتهم الثقافية والصحية والحضارية، بما أنتج مشهد الانتخابات يوم 21 أيلول 2013م الذي سيبقى يؤشر تاريخيا نقطة تحول مهمة في حياة الشعب تعكس مدى تطوره ونضوج أدائه السياسي والانتخابي.
حقا انتصرت كوردستان رغم كل ما يفعله البائسون الأغبياء من محاولات اختراق جدران السلم والأمن فيها، متناسين إن الطرف الآخر في معادلة الأمن والسلام هو الشعب ووعيه ومواطنته، وليس أجهزة الأمن والعسكر فيه فقط؟
انتصرت كوردستان حينما قبلت الآخر أولا، وحينما ذهبت النساء وهي تتسابق من اجل إعطاء صوتها، وحينما ذهب الشباب وهم يحملون آمالهم في المستقبل إلى تلك الصناديق، وحينما تجاوز الشعب بهذا النضوج مرحلة الدعاية الانتخابية وتشنجاتها في مجتمع محافظ عُرف بالعشائرية، لكنه استطاع فعلا أن يخرج من تحت عباءتها إلى خيمة اكبر هي كوردستان اليوم وغدا التي وضع أسس بنيانها الزعيم الكوردي الكبير مصطفى البارزاني.