ما السر الذي جعله يترك مناجات لبيك اللهم لبيك؟ حيث تتسلق الحجيج عرفة، ويقطع آلاف الفراسخ من البراري، قاصداً كربلاء، أي شعيرة أقوى من فريضة الحج؟ ليزهدها أبا عبد الله ويتوجه بعياله ونساءه ليراهن الله سبايا، كما يراه صريعا! أ ليس فريضة الإصلاح؟.
لم يخرج أشراً ولا بطراً، بل خنقته رسائل الاستنجاد، وصلت ربوع الحجاز نتانة الفساد، وكان يعلم علم اليقين ثمن الاصلاح دمه وسبي عياله دماءه، قرباناً تزيل عروش الفساد المتجحفلة بأركان الكوفة، لم يكن طالباً لوزارة أو رئاسة، بل كان مصراً على ان يستأصل شأفة الفساد المتعفنة.
وفود حاولت ان تثني عزيمة الحسين (ع)؛ وإرجاعه عما نوى اليه في كل موطن حلت به رواحله، ممن سمعوا قول رسول الله(ص) "هذا جبريل يخبرني عن أرض بشاطئ الفرات يقال لها كربلاء، يقتل فيها ولدي الحسين" لكن دون جدوى! كون الإصلاح بدى لا مناص منه، في ظل حكام أفسدوا في الأرض.
وصل الحسين الى كربلاء، نصب سرادق الإصلاح، لكنها خٌليت من التحزب والتلون، أٌخرج منها الرياء والضحك على الذقون، فكانت كربلاء سماطين، جيش خرج لطلب الإصلاح وآخر ناصراً للفساد، لا يوجد في معسكر الإصلاح شخص تسنم منصباً في حكومة الكوفة، ولم تُبنى خيمة لمحافظها، لم تطأ اقدام مسؤول لجنة الامن والدفاع اليزيدية، سرادق الحسين (ع)، لذلك قدم إصلاحه لوحة مجد وخلود.
كانت كربلاء انطلاقة لخوض معركة حاسمة مع المفسدين، تقطع فيها الرؤوس وتطيح فيها الايدي، فتزيل كل المتشبثين في كرسي ترنحوا عليه دون دراية بخفاياه، فأفسدوا باسم الدين ومبادئ السماء.
خلاصة القول: متى ما وجدنا قائداً يجود بنفسه في سبيل الإصلاح، متخلياً عن كل مغريات الدنيا، من سيارات فارهة وقصور شاهقة، وانتهج أهداف الثورة الحسينية، وتخلى عن حزبه ومناصبهم، عندها سنضحي بين يديه لطلب الإصلاح في أمة النبي الاكرم.
سلام.
مقالات اخرى للكاتب