لا شك إن الولايات المتحدة الأمريكية ليست منظمة خيرية، تمد أذرعها للدول، قوة عظمى تهيمن على القطبية العالمية، تسعى تحقيق مصالحها الستراتيجية، لم تقطع المحيطات والبحار لتخليص العراقيين من الدكتالتورية فقط،؛ إنما تحاول تعميم تجربتها الداعمة لأقتصاد والسياسة والثقافة الأمريكية.
العراق بعد الإنسحاب الامريكي عام 2011م شهدت العلاقته نوع من الفتور وعدم إلتزام الطرفين بطبيعة الإتفاقية الستراتيجية.
زيارة السيد المالكي الأولى بعد الإنسحاب تواجه غضباً كبير من الإدارة والرأي والعام الأمريكي، رفض كبير لسياستة، وتعددت الأوجه الدبلوماسية وإختلاف مصادر المعلومات والتوجهات العراقية، تعطي الإنطباع بفشل التجربة المثال في المنطقة، وسعي واضح للتفرد بالسلطة ودويلات تحكمها احزاب تنهب المال العام.
نقطة الإختبار للمالكي في معهد السلام الأمريكي وهو متخصص يرفد السياسة بالبحوث والدراسات الستراتيجية، يديره خبراء قادرين على قراءة السطور وما بينها وردود الأفعال والإنفعالات وتقاسيم الوجه والحركات.
كلمته واللقاء التلفزيوني إمتحان عسير حاول المالكي التطرق لطبيعة سياسته الداخلية والخارجية، تناول الإرهاب وخطورته وطلب شن حرب عالمية ثالثة، وحين توجيه السؤال عن الصلاحيات التي منحها الدستور وإبعاد اطراف عراقية من القرار، ( تقول امريكا إنها إستخدمتهم لمحاربة القاعدة)، قال الدستور العراقي أعطاني كل الصلاحيات ومن يعترض عليه تغيير الدستور، السؤال الأخير عن الولاية الثالثة، ضحك المالكي بالإجابة وقال هذا السؤال يتكرر دائما وكأنه متوجس من السؤال وقال أنا مع الإرادة الشعبية.
المالكي لم يكن جالس امام اشخاص إعتيادين او عراقيين يكرر الوعود عليهم، ظهر إستخدامه نفس طريقة الخطابة في العراق، لكسب التعاطف وإنه المفترى عليه والكل بالضد منه يقفون حجر عثرة في طريق إنجازاته.
إتضح لدى صناع القرار والرأي العام الأمريكان، مفهوم الحرب لحل المشاكل ولا يمانع القوة للدفاع عن افكاره، وإنكاره التجاوز على الصلاحيات والدستور والدولة لا تزال معظم وظائفها الرئيسية بالوكالة، أسهب في شرح الإنجازات ومكافحة الإرهاب ولم يتطرق لمكامن الفشل، مثل هذا الكلام لا يمكن ان يمرر على هؤولاء الخبراء. وأوباما يقدم شرح ستراتيجيته قبل القيام بأي عمل وبكل صراحة، امريكا إعتمدت داخلياً على الدبلوماسية العلنية منذ عام1920 يطلعهم الرئيس الصغيرة والكبيرة والرأي العام مطلع على تصرفات الحكومة لمساندتها.
الحكومة الأمريكية تتعرض للإنتقادات اللاذعة داخلياً وغربياً، من خوض الحرب في العراق الى الإنسحاب المفاجيء وإنتشار الأرهاب والفساد في العراق، وعدم بناء المؤوسسات وترسيخ الديموقراطية بالشكل الصحيح، رافق ذلك فضيحة اوباما بالتجسس على رؤوساء الدول الصديقة التي تكاد تطيح بالحزب الديمقراطي.
الإنتخابات العراق سوف تسبق الإنتخابات الإمريكية، العراق والشرق الأوسط أهم ملفات التنافس بين الحزبين الأمريكين، وبقاء المالكي لدورة ثالثة كان ينوي الحصول عليها خلال الزيارة، مستبعدة وربما إبلغ مباشرة، ما اثار ردود فعله حينما قال ان إعضاء الكونغرس متأثرين بأصوات اعداء العراق. امريكا تجسست على معظم رؤوساء العالم تعرف حتى خصوصيات الساسة العراقيين، وهنالك أصوات اخرى تسمتع لها الإدارة الامريكية أصبحت أكثر تأثير.
المنطقة تتجه للتهدئة بعد التقارب الإيراني الإمريكي والسيطرة على الكيمياوي السوري، والقناعة ان البديل عن بشار الاسد اسوء منه، والمعارضه السورية منقسمة على نفسها؛ لذلك التهدئة تبدأ من العراق، خلال الإختيار الشعبي الذي بدأ يميل الى الإعتدال والسعي للتقارب بين الأطراف وإعادة العراق من العزلة الدولية.
الديمقراطية وسيلة استخدمتها امريكا لتحقيق مصالحها الستراتيجية، لابد لها أن تقدم صورة ناصعة امام شعبها والعالم، والحزبين الأمريكيين سوف يستخدمون ورقة العراق إنتخابياً، لذلك تسعى لأستقرار العراق بوجود حكومة بعيد عن الأزمات، وحماية اموال العراق من المافيات نتيجة ضعف الحكومة الحالية.
مقالات اخرى للكاتب