الماننطيهه هي ثقافة شعب أكثر من كونها موقف سياسي أو طائفي ، ستكتشف انها متفشية بشكل مرضّي وبأعذار مختلفة في اغلب مفاصل الدولة .
عندما تغير النظام السابق كنا نعتقد ان بإمكان المواطن البسيط أن يصل ببساطة لأرفع مسؤول موجود لقضاء حاجته ، لكننا اصطدمنا بأن الأمر كان مجرد مزحة ، مجرد حلم سرعان ما صحونا منه على قصص لا تقل بشاعة عن قصص عبد حمود وساهر الراوي !
إذ استطاعت الشخصية العراقية ان تعيد تكييف نفسها من جديد بإعادة انتاج الثقافة ذاتها والتي لم تكن على مايبدو موقفاً سياسياً قد انتهجه النظام القديم-الدكتاتوري- لأن النظام الجديد -الديمقراطي-اقتبسها ايضاً وزاد عليها شيئاً من القداسة ، مع ان المفروض هو أن تكون هناك عملية اختلاف واضحة .
مدير قسم يقفل بابه ولن يستطيع أن يدخله سوى اعضاء مجلس المحافظة او مجلس النواب او القياديين في احزاب السلطة او رجال الدين الأكثر نفوذاً ، بل يقال ان من يريد ان يزوره في بيته يتم تصويره فيديوياً "صوت وصورة " ويطلع على المقطع بعد ذلك ثم يصدر فرماناً بالقبول او الرفض ، وان نسبة من تتم مقابلتهم لا تتعدى الــ 1 % ، وربما يقول قائل ولماذا تراجعه الناس اذا كان يتصرف بهذا الشكل ؟ لكن ماهو سبيل الذي يسلكه المواطن لقضاء حاجته وحل مشاكله ؟!
مدير عام آخر لا يقل طغياناً ، نرجسيته وتعامله الفوقي مع الناس لم ينتهجها اعتى المدراء الذين تسلموا نفس الدائرة على مدى 30 عاماً !
سأصمت وأتفهم ذلك لو كان النجاح والإنجازات والعدالة والإبتعاد عن الشبهات وعن الفساد وصفقاته مميزاً لهؤلاء ، لكنهم وللأسف " راكسين بالطهارة للكَوكَة " !
هل يعني هذا عدم وجود البعض من المسؤولين على شاكلة مختلفة ؟
يوجد البعض من المختلفين ايضاً لكنهم يتشاطرون مع اولئك بالفشل الذي هو منظومة متكاملة لن ينجحها استبدال قطعة واحدة ستكون نشازاً في مجموعة متهالكة .
المفارقة تكمن في الفهم الشعبي لهؤلاء المختلفين ، فالمواطن العراقي بطبعه لا يحترم المسؤول البسيط وغير المتكلف ، ويعتبره فاشلاً ، لا يحل ولا يربط ، لأنه يعتقد ان البهرجة والحمايات و التعامل الفوقي المحتقر للآخر هي من مواصفات المسؤول الجيد والحازم !