يعتقد البعض أن نظام العراق الديني والسياسي الذي شاخت، قيادته ومؤسساته، وحضوره، يستطيع المضي في سياسة شراء البقاء في السلطة، وهو مادرجت عليه لزمن الإحتلال المنصرم: صفقات سلاح لايستعمل ويتم تجديده باستمرار- حتى إذا إستعمل فضد مكون معين- ومساعدات تنموية لبلدان الفقر والجهل والتحريض والتصفيق، وأُخرى شخصية لزعامات أو قيادات أجنبية وعربية وإسلامية وروحية هنا وهناك تتطلع للمزيد من كل شيء. يدها مبسوطة للقبض ممسوكة للدفع. أما في داخل العراق فمشاريع وعمولات.. وخوف وتخويف وإرهاب. ويستمر تدفق النفط ومعه وفرة المال.
لا أحد يجهل أن غالبية أبناء الطبقة الدينية والسياسية الحاكمة، تجاوزوا مرحلة الأُمية إلى التعلم. حصل جيلان من أجياله الجديدة على قدر وافر من التعليم وهنالك متفوقون من أبناء الشعب أو الأُسر المالكة. غير أن البُنية السياسية- الثقافية لهذه المجتمعات المتقوقعة حول المال والإنتماء ما تزال مسطحة هشة يمكن إختراقها وتنتمي للتاريخ.. ويزيد من خطرها أن التعليم الذي حصل عليه جيلان يتحكم بهما هذا العقل الماضوي إضافةً لآباء بدائيين. ولذا فإن الوسيلة الوحيدة التي يمكلها الحاكم- الديني والسياسي- في العراق للمحافظة على بقاءه هي شراء، شراء لا بناء، مثلث الأمن والرِضا:
1- شراءه داخلياً بالمشروعات والأُعطيات لذوي الحضور. بتعبير أدق: بالرشوة.
2- وشراءه عربياً وإسلامياً بالتبرعات على أنواعها يشتري بها السمعة الحسنة.
3- وشراءه دولياً بالمساهمة النشطة في تجاوز أزمات المجتمع الرأسمالي. ترتفع أسعار النفط وتزداد الموارد ثم يستردها الغرب بوسائل أُخرى بينها المشاريع وصفقات السلاح ومساهمات في إنقاذ المجتمع الرأسمالي، أو مدفوعات سرية للزعامات، هنا وهناك وهنالك؟ عبر ممثلي المالكي المحازبين في سفاراتنا بصفة مستشارين للتجارة والعلاقات والوشوشة والبصبصة بالخارج.
نجح هذا الإسلوب حتى اليوم في توفير (نصف) غطاء داخلي وإقليمي وخارجي، مؤقت، لهذه الطبقة الحاكمة وبضمنها المالكي وذويه، غير أن إستمرار هذا الإسلوب يبدو مستحيلاً غداً في ظل النظام الجديد كلياً الأكثر ثقة بنفسه والأعظم قدرة على إبتكار حلول مختلفة للأمن الذاتي، إضافةً إلى أن جيل (الثورة) الجديد إستوفى نصيبه من التعليم ولم يعد قادراً على فهم واقع يحكم فيه كل هذا الكم من الأُمية والجهل والخوف.