غالبية الأنشطة الانتخابية التي شهدناها خلال الأسابيع الماضية، والتنافس الجاد بين الأحزاب الكوردستانية، وتوجه الناخبين بغزارة نحو صناديق الإقتراع، والبيانات التي صدرت حتى الآن من الأحزاب السياسية، بقبول النتائج التي تعلن من قبل مفوضية الإنتخابات، كلها شواهد على تقدم كوردستان في المجال السياسي وتحقيق نسبة عالية من الديمقراطية التي اتسمت بها الأحزاب المؤسسة لمسيرة الديمقراطية في الإقليم ، ويرى كثيرون أن للحزب الديمقراطي الكوردستاني العريق دور بارز في هذه المعادلة، كونه القدوة التي تسير على خطاها عدد من الأحزاب الموجودة في الساحة السياسية في الإقليم، من جهة، و بسبب تاريخه النضالي وإنتهاجه مساراً حكيماً في التعامل مع مختلف الأطياف من قوميات وإثنيات تعيش على ارض كوردستان، ولذلك يمنحونه الأحقية في قيادة الإقليم ورسم سياسته ورعاية مصالحه بما يصب في مصلحة الشعب الكوردستاني.. وفوزالديمقراطي الكوردستاني في الإنتخابات الأخيرة، كما في سابقاتها، لم يكن أمراً غير متوقعاً، بالنسبة للكوردستانيين، وكذلك للآخرين الذين يراقبون وضع الإقليم، فمسيرته الطويلة التي ألفها الشعب الكوردستاني وإنجازاته التي إرتكزت على الأولويات المهمة والخبرة والعمل الجاد والإدارة الناهضة دفعت الناخب لأختياره والتصويت له.. وفي البحث الموضوعي والعلمي لأسباب الفوز، والدوافع الذاتية المتعلقة بالتأييد الجماهيري الكبير والثابت لهذا الحزب ونجاحاته المستمرة، خصوصاً فيما يتعلق الأمر بالممكن والمستحيل في السياسة، نستطيع أن نذكر غيض من فيض ذلك البحث وهو: * إضطلع البارتي بدور ريادي وقيادي للحركة الكوردية منذ بداية تأسيسه من قبل الخالد مصطفى بارزاني، ورفض كل سياسا ت فرض الأمرالواقع على الكوردستانيين، سواء التي كانت مبنية على إستراتيجية إرضاء دول المنطقة عبر خرائط سياسية وترتيبات جيوسياسية، أو خلق أوضاع جغرافية تسهل السيطرة على شعب لايعرف الخضوع والإستسلام. * للبارتي قيادة تأريخية محنكة، تستطيع قيادة الجماهير الشعبية الواسعة، وتفعيل قدراتها وإمكاناتها وتفجير طاقاتها الإبداعية، والسير بها في نهج نضالي حتى الوصول الى بر اللأمان . *البارتي يتناول الأمور بوعي وبرؤية واقعية واضحة، ويتعاطى معها بمنطقية وبشكل تدريجي مدروس ويستطيع التوفيق بين الواقع وبين الطموح، بعيداً عن المطبات والمغامرات غيرمحسوبة النتائج. * البارتي يدرك ضرورة وأهمية الرأي العام، وبناء العلاقات الإيجابية بين الكوردستانيين جميعاً، ولا يستجيب للكثيرمن الإستفزازات المقصودة التي تبيت وراءها أحلاماً وأحقاداً دفينة. * للبارتي مواقف وصداقات واضحة وخطاب سياسي معتدل، ويتصرف بعقلانية، وسلوكه النضالي قائم على الفهم الناضج للقضايا المصيرية ويتعامل معها بعيداً عن ردود الأفعال المنفلتة . * البارتي وفي ذروة نضاله المسلح ضد الحكومات العراقية المتتالية على الحكم في بغداد كان يمد يد العون والمحبة والمودة لأبناء العراق من غير الكورد. * البارتي أكد ويؤكد على أهمية وضرورة إشاعة نهج التسامح ومحاربة العنصرية والتعصب بكل أشكالها وعدم التحريض على انتهاج العنف والكراهية . وأخيراً، المكتسبات والإنتصارات الرائعة التي تتعاقب في كوردستان تدعونا لكي نعتز ونفتخر بتجربتنا الفريدة والمضيئة التي تنورطريقنا للمضي بإصراروتحضرنحو الرقي والتطور والحضارة والحرية والمدنية ومجتمع أكثر نضوجاً ومؤسسات وقوانين تليق بشعبنا الذي كسب الحرية بعطاء ونضال طويلين، ودماء طاهرة سالت من أجل بناء تجربة ديمقراطية شفافة مبنية على أسس حب الارض والارادة الجماهيرية في الدفاع عن المنجزات، وممارسة حق تقرير المصير، وكبح كل العوامل التي تحاول إيقاف التطور والتقدم في البلاد، وإزاحة المعوقات التي تنتاب تجربتنا التي تكاد أن تكون وحيدة في الشرق الاوسط ...