لا شك ان التغيرات المفاجئة والغير متوقعة التي حدثت في المنطقة العربية والتي اطاحت بالانظمة الدكتاتورية أبتداءا بالطاغية صدام مررورا بمبارك والقذافي وصالح ولا تزال رياح التغيير مستمرة في التغيير
رغم ان هذا التغيير لم يخلق الاستقرار والامان ولم يحقق ما هو مطلوب فخلق حالات من الفوضى والصراعات وحتى الحروب الاهلية مما مهد لعناصر ومجموعات لا هدف لها سوى تحقيق مصالحها الخاصة ومنافعها الذاتية ركوب الموجة وتصدر الحركة وحتى الاستحواذ على الحكم وفرض نفسها
الا انها خلقت فرصة مناسبة لتحرك اليسار ونموه وبالتالي اخذ زمام المبادرة وهذا يتوقف على اليسار نفسه وهذا يتطلب من اليسار ان يقوم بالخطوات التالية
اولا دعوة كل اطياف والوان اليسار وكل قوى الديمقراطية وكل التي ترغب في حكم الشعب في اقامة دولة القانون التي تضمن لكل مواطن المساوات في الحقوق والواجبات وتضمن لكل مواطن حرية الرأي والعقيدة الى الوحدة والتوحد في جبهة واحدة في تيار واحد في اتجاه واحد كما على القوى اليسارية ان تدرك اذا بقيت متشتتة متصارعة كل مجموعة تسقط الاخرى وترى نفسها وحدها القادرة القاهرة فانها تحكم على اليسار بالتلاشي
ثانيا ان يكون هدف هذا التيار هذا الاتجاه هو ترسيخ ودعم الديمقراطية ونشر القيم والاخلاق الديمقراطية وخلق شعب يدين بالديمقراطية ويتخلق باخلاق الديمقراطية فعلى اليسار ان يعي ويدرك انه لا مكان له وحتى لا وجود له بغير الديمقراطية والتعددية وخاصة في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة العربية
ثالثا على التيار الجبهة اليسار الديمقراطي ان ينطلق من واقع من مستوى وعي الناس وعليه ان يكون حذرا من الاصطدام مع وعي الجماهير ومفاهيمها فاي اصطدام ليس في صالح التيار الديمقراطي اليساري
رابعا على التيار الاتجاه الديمقراطي اليساري ان ينطلق من قضايا الجماهير الخاصة من متطلباتهم اليومية من معاناتهم الحياتية لا يشغل نفسه بالنظريات والايدلوجيات والافكار التي لا يفهما ولا يرى لها اي فائدة
خامسا على التيار التقرب من الحركات والاحزاب الاخرى القريبة من التيار في التطلعات وبناء عراق ديمقراطي والعمل على خلق اتجاه واسع هدفه دعم وترسيخ الديمقراطية وبناء عراق ديمقراطي يجمع كل العراقيين بمختلف اديانهم واعراقهم ومذاهبهم مقابل اتجاه اخر مضاد له وبهذا ينتهي الصراع والاختلاف والتكتلات الطائفية والعرقية والدينية
المعروف ان اليسار كان قد تفاجأ في الاحداث والتغيرات التي طرأت في المنطقة العربية لهذا لم يكن له اي دور واي تأثير حتى اصبح حائر لا يدري اين يضع قدمه ومع ذلك يمكن لليسار ان يتحرك ليثبت وجوده وتأثيره ويمكنه ان يقود الجماهير فاليسار لم ولن يموت ابدا نعم يضعف يتوقف عن الحركة عن قيادة الجماهير
يظهر ان اليسار في السودان لم يتفاجأ بأنتفاضة الشعب السوداني بل كان من الداعين لها والمؤثرين بها وله دور واضح في انتفاضة الشعب السوداني ضد نظام حكم البشير الدكتاتوري وفي حركة التغيير التي بدأت في السودان وكان للحزب الشيوعي السوداني دورا مميزا
لا شك ان الانتفاضة بدأت لا بد ان تنتصر حتى ولو بعد حين والتغيير في السودان قادم وسيكون لليسار دور كبير في التغيير الذي بدأ
على اليسار العربي ان يستفيد من تجربة اليسار في امريكا الجنوبية امريكا اللاتينية حيث استطاع هذا اليسار ان يوحد جهوده وشعاره ومنطلقه ويعزز وجوده بين الجماهير ويرفع من مستوى وعيها ويصدق معها في قوله وفعله لم يخدعها ولم يضلها
ابتعد عن المبالغات والتبجحات مؤكدا على انه لم يمثل كل الشعب كل الجماهير وانه ليس الناطق الرسمي باسمها كلها محترما التيارات والاحزاب والتكتلات الاخرى مقرا ومؤمنا بارادة الشعب ومعلنا استعداده التعاون مع اي جهة يختارها الشعب
كما انها تقاربت مع القوى والاحزاب الدينية ذات النفس الديمقراطي والاعتراف بها وبوجودها والتعاون معها بل حتى التحالف معها اذا تطلب الامر مما يؤدي الى عزل وضعف القوى والاتجاهات الدينية والعنصرية المتشددة
على اليسار ان يعي ويدرك الحقيقة التي باتت واضحة وهي كل شي موجود له اسبابه ومبرراته والحقيقة نسبية لا يملكها فرد ولامجموعة ولادين ولا حزب ولا فكر فاحترام كل الاتجاهات وكل الاراء وكل الأفكار وكل التوجهات طالما تنطلق من مصلحة الشعب والوطن فهو الطريق الوحيد لبناء وطن حر وشعب سعيد
يجب ان يرفع شعار نعم لكل الاراء نعم لحرية العقل دعوا العقول تنطلق حرة بدون قيود ولا حدود
لا لكل من يلغي اراء الاخرين ويقيد عقولهم ويفرض رأيه معتقده بقوة الحديد والنار
فكل شر في الارض هو ثمرة العقول المقيدة
وكل خير في الارض هو ثمرة العقول الحرة
مقالات اخرى للكاتب