ما أجمل وأسعد ما يعيد الإنسان أوراقه ويراجع ضميره مع نفسه وربه، لكي ينظم نفسه بين الساعة والساعة، على أن يرتب كل شيء في مصابه الصحيح، ويبدأ عهد جديد، كي يسير على نهج المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، ونحن في هذه المناسبة العطرة الجميلة بمناسبة مولده.
يرى كل إنسان إنه يريد بدأ صفحة جديدة مع حياته، ولكنه مع هذه البداية المرتبطة بالأقدار، سواء المجهولة أو المعلومة، كمثل تحسن في حالته العامة، أو أن تحول قد حدث في مكانته.
لابد من كل هذا وذاك أن يتعلم ويعيش الإنسان مع نفسه كي يصالح نفسه ويراجع ضميره ويسأل نفسه هل رضيت الله في عامي هذا، هل رضيت الوالدين، هل رضيت زوجتي وأولادي، هل رضيت جيراني وناسي، فكلها أسئلة، الجواب بيدك أنت، لأن الساعة تمر وتجري والعمر يمضي لا رجعة.
بلا شك مر عام، بل أعوام وكانت المعاناة كبيرة علينا جميعاً سواء على المستوى الأسري أو المستوى الاجتماعي العام، بل علينا أن نسأل أنفسنا هل نحن بذلنا الجهد والعرق فيما ينفع أنفسنا ومجتمعنا. فكل إنسان لديه قوة كامنة في حياته، وملكاته المدفونة بداخله، والفرص المحدودة المتاحة له يستطيع من خلالها أن يبني حياته من حيث مراجعة نفسه وضميره ويبدأ مشواره من جديد.
فقد حدثت في المجتمع بلبلة من تصرفات الناس فيما بينهم، وأصبح البعض لا يطيق الآخر، وأصبحت النفوس ضيقه لا تتسع لسعة الصدر والبال، لِما لم نسأل أنفسنا ماذا حدث لنا؟ وماذا أصابنا؟ فهل نحن أمة يضرب بها الأمثل والعبر للأخرين، أم نتعلم نحن من الأخرين. فنحن في احتياج إلى ثورة أخلاق جديدة وعمل وجهد واجتهاد. نعم فكلها مرتبطة ببعضها البعض، كي تنهض الأمة من جديد وتسير على نهج الدين كلاً على دينه، طالما ينادي بالألفة والمحبة والمودة بين الأخرين.
فالإنسان المدمر والمخرب والذي يرهب الناس في مجتمعاتهم، فعليه إثم كبير إذا لم يراجع نفسه ويعاتبها على ما مضى ويغير من تفكيره ومعتقداته الخاطئة التي تهدم وتخرب في المجتمعات، يقول الإمام علي (رضى الله عنه) (عاتب أخاك بالإحسان إليه، وارْدُدْ شرهُ بالإنعام عليه). فالإنسان الصالح لا يقوم بمثل هذه الأعمال المنافية للعادات والتقاليد في مجتمعاتنا.
فعندما تتأخر في انفاذ منهاج تجدد بها حياتك، وتصلح بها أعمالك، لا يعني ذلك إطالة الفترة التي تنوي فيها الإخلاص منها. بل إن بقاءك أمام نوازعك التي تهوى الهوى والتفريط، قد تؤدي بك إلى طريق الإنحدار الشديد. وهنا توجهه صفعة على وجهك بسبب تأخرك فيما أنت فعلت به في مجتمعك، وسبب تأخرك في تجدد حياتك.
ففي هذه اللحظة على كل إنسان يستطيع أن يجدد حياته، ويعيد بناء نفسه على أوجه العمل والجهد والأمل والتوفيق، على الإنسان أن يجدد نفسه مع نفسه، وأن يعيد تنظيم حياته، ويستأنف العلاقة مع ربه بأفضل مما كان عليه. وأن يتخذ عهداً جديداً يرفع من شأنه.
مقالات اخرى للكاتب