في وقت الشدائد والمحن , التي تعصف في اي بلد من بلدان المعمورة , يكون دور المسؤول الاول في الدولة , حاسما وصارما بشد العزائم بروح التفاؤل بقرب ايام الفرج , وانتهى المحنة والغمة , ويزرع العزيمة والامل والثقة في نفوس الشعب , حتى يستطيع الشعب , ان يبعد عن عقله وتفكيره , افكار التشاؤم والقنوط والاحباط , ويعمل بطاقة وجهد مضاعف وبوتيرة متسارعة , من اجل صيانة البلاد والشعب , من كل الاخطار المحيطة , والتي تهدد كيان الوطن .. لكن في عراقنا المكرود والمظلوم , كل شيئ مختلف ومتعارض مع الاعراف والتقاليد والقيم والمبادئ , وحتى صفات مسؤولية المسؤول الاول في الدولة العراقية , فنرى مسؤولنا التنفيذي الاول , هو اول يثبط العزائم ويقتل روح الفرج والامل . اول من يزرع اليأس والاحباط والقنوط , ويعلن الهزيمة والانكسار . اول من يعترف بالعجز والفشل والشلل , دون ان يفعل شيئا , او على الاقل ان يبادر لقلب المعادلة والموازين . اول من يعلن ان الارهاب انتصر على الدولة والشعب , ولا حيلة امامه , سوى الاستسلام للقدر والموت المجاني , وان الشعب تحت رحمة الارهاب والارهابين . ان هذا الفعل يمثل قمة الانحطاط والتخلي عن المسؤولية , ويمثل عار مشين في جبين الحكومة ورئيسها , حينما يصرح رئيس الوزراء ووزير الدفاع والداخلية والقائد العام للقوات المسلحة بان ( المجاميع المسلحة تعمل بحرية تامة في البلاد ) . اذن ما العمل ؟ من يصدها ويمنعها من تحقيق اهدافها في حرق الوطن وتخريبه ؟ من يجفف منابع الارهاب ويحمي الوطن ؟ من المسؤول عن وصول الاجهزة الامنية والعسكرية , الى هذا الحد من الفشل والعجز والشلل ؟ ومن يدافع ويبعد الذئاب الضارية , من ان تقيم حفلات الموت ؟ اين ذهبت الاموال الطائلة , التي رصدت من اجل رفع قدرة وجهازية وكفاءة وخبرة الاجهزة الامنية والعسكرية , بان تكور سور الوطن وحامي الشعب ؟ من الذي سيدافع عن الشعب من الوحوش الهمجية ؟ كيف ننقذ الوطن ونصون الشعب , من الهلاك والخراب القادم ؟ ماهي مهمة ومسؤولية الحكومة ورئيسها ؟ اذا كان اول المنهزمين رئيسها فماهي حالة بقية جسم الجسم الحكومة ؟ واذا كان اول من يرفع الراية البيضاء للاستسلام , الرئيس التنفيذي الاول في الدولة , للعصابات الاجرامية . فما هي قيمة ومنزلة ومكانة الحكومة في نظر الشعب المسكين ؟ لاشك ان الفساد المالي , الذي انشغل به قادة البلاد وبشهية جائعة , وانعدام المعايير الوطنية , وتسيد المصالح الانانية والذاتية , وفقدان الحرص والمسؤولية , جعلت العراق ان يصل الى اسفل الدرك . ان وراء تصريح رئيس الوزراء , ايام سوداء وفواجع ومواكب من الجنائز والاحزان , هذا هو تفسير ومحتوى كلام رئيس الوزراء , بان العراق مقبل على كارثة دموية , ولكن الى متى تستمر النكبة والفواجع وحفلات الموت المجاني ؟ والى متى يظل السكوت والصمت , والشعب يذبح من الوريد الى الوريد ؟ ان في كل الاعراف والتقاليد والقيم والمبادئ والاخلاق والشعور بحمل وثقل المسؤولية المتعارف عليها . تحتم على المسؤول الفاشل , ان يقدم استقالته ويعتذر الى الشعب , لحفظ ماء وجهه وكرامته , لكن هذه الاشياء في عراقنا , اصبحت ورق للتواليت لتنظيف المؤخرات في المرافق الصحية او في ( W.C ).
مقالات اخرى للكاتب