واحد من الصحفيين العراقيين المتقاعدين حاليا لطالما حذر تلاميذه من كثرة استخدام مفردات تحتوي على حروف قد تلتبس على المُنَضِد ، فيقع في خطأ غير مقصود فيثير غضب رئيس التحرير ، ومسؤول الصفحة ، وقد يؤدي الأمر الى فتح تحقيق للوقوف على أسباب حصول خطا كارثي ، يتندر به القُرّاء ، وغالبا ما يكون المصحح الضحية بعقوبة قطع الراتب او التسريح من العمل تلاحقه لعنة الحروف ، وينظر له العاملون في الوسط الصحفي بوصفه مرتكباً لجريمة أخلاقية .
الصحفي المتقاعد من المهنة ، معروف بين زملائه بقدرته على التحليل السياسي واستشراف الأحداث ، وغالبا ما يرفض رغبة الصحف في كتابة مقالات تتعلق بالشأن السياسي، لان الأوضاع من وجهة نظره ملتبسة، ولا احد يعرف موقع كابوس من كبوس في قضية الوساطة بين الولايات المتحدة وايران ، والموقف من الأزمة السورية ، واحيانا يشترط ان يكون حديثه شفويا في تناول الصراع بين كابوس وكبوس تمسكا بتحذيره القديم ، خشية العواقب الوخيمة ، فاذا كانت العقوبة في الماضي قطع الراتب فلربما تكون اليوم الموت بالكاتم ، او السجن المؤبد بتهمة الخيانة العظمى.
الإشارات المتكررة الى كابوس وكبوس أثارت تساؤلات زملاء الصحفي المتقاعد فطلبوا منه حل ألغازها لغرض ان تصل الفكرة الى القرّاء بعيدا عن اللف والدوران ، ودعوه الى ان يبدأ الحديث بطريقة المسؤولين وأسلوبهم " في الحقيقة والواقع ، وفي اطار الجهد الرسمي لتجاوز الأزمة و إيمانا بنصائح المرجعية الخ " ولرفضه هذه الطريقة في الحديث بوصفها أسطوانة مشخوطة لا يسمعها حتى الزعاطيط ، أوصى محدثيه بضرورة الاستعانة بالقاموس السياسي الحديث للتعرف على كابوس وكبوس، او بقراءة المشهد العراقي من زوايا متعددة للتعرف على هذين العفريتين .
" أستاذ دوختنا " نريد المزيد من التفاصيل ، سؤال وجهه صحفي شاب الى أستاذه فرد الأخير أمامك طريق طويل لقراءة المشهد السياسي داخليا وإقليميا ودوليا، وحينذاك ستتوصل الى معرفة حقيقة الكابوس وهو نوع من الرعب أخطره السياسي ، أما الكبوس فهو قبعة راس يستخدمها القرقوزات والمهرجون لتقديم عروضهم في القصر الجمهوري او البلاط في أوقات شعور صاحب الجلالة والفخامة بالملل والضجر ، صار مفهوم مولانا ؟؟
خرج الصحفي الشاب بدرس لا يتعلق بالتحذير من استخدام الحروف بقدر وصوله الى قناعة بان الكوابيس ومنها الاعتداءات الإرهابية المتكررة نتيجة طبيعية لممارسات القرقوزات ، وسياستهم في الضحك على عباد الله ، ولهذا السلوك امتدادات في التاريخ عندما صدق العرب إمكانيتهم في محاربة إسرائيل وتحرير الأرض المغتصبة ، بلبس الكبوس ، والشروع بتنفيذ صولة تاريخية على انغام وإيقاع نشيد الله اكبر فوق كيد المعتدي . والمطلعون على التاريخ السياسي الحديث في المنطقة العربية يعرفون ان هذا النشيد يرافق إعلان نجاح انقلاب عسكري وتسلم كابوس السلطة ليحقق منجزاته في توزيع الكوابيس بالتساوي بين الرعية .
مقالات اخرى للكاتب