السلطة الغاشمة أو" الغشيمة" عادة ما تطلق على القوى السياسية المعارضة لها صفة "دكاكين أحزاب" لديها فروع متعددة في الخارج تمولها جهات أجنبية ، والساحة العربية كانت ومازالت بيئة مناسبة لبروز مثل هذه الظاهرة نتيجة غياب الديمقراطية ، وإلغاء التعددية في الحياة السياسية ، ليبقى الحزب الحاكم يمسك السلطة بقبضة حديدية ، وهو على استعداد لغلق دكاكين معارضيه المنتشرة في الخارج بشتى الأساليب ، ومنها على سبيل المثال دفع أموال لمسؤولين في دولة خارجية لتضييق الخناق على "أصحاب الدكاكين" وفي بعض الأحيان ملاحقتهم واغتيالهم ، في عواصم عادة ما تكون عربية.
شهدت الساحة السياسية العراقية بعد العام 2003 عودة الكثير من "أصحاب الدكاكين" إلى بلدهم ، لكنهم فشلوا في تحقيق حضور في المشهد السياسي ، ومنهم من حصل على موقع أو منصب حكومي وأغلق" كبنك الدكان" وأعلن إحالة نفسه إلى التقاعد من "العمل النضالي" ، أما الأحزاب الأخرى المعروفة بتاريخها الطويل فأصيبت بخيبة امل بفعل اعتماد نسخة مشوهة للديمقراطية فصلت من قبل قوى وتنظيمات تناسب مقاساتها وتحقق مكاسبها.
في المرحلة الجديدة أغلقت الدكاكين ، وكثرت أعداد بسطيات الأحزاب ، تنشط مع بدء العد التنازلي لموعد إجراء الانتخابات التشريعية أو المحلية ، وأصحابها يمتلكون المال من مصادر مجهولة ، يعقدون المؤتمرات ، ويواصلون اتصالاتهم بمنظمات المجتمع المدني ، ويحرصون على الإطلالة اليومية عبر شاشات الفضائيات لبيان برنامجهم الانتخابي للجمهور لكسب المزيد من أصوات الناخبين بوعود القضاء على البطالة وتوفير فرص العمل ، وإعادة البنية التحتية المدمرة بتنفيذ مشاريع عملاقة ستجعل العراق بمصاف الدول المتقدمة الخالية من الفساد المالي والإداري ، وبإرساء أسس دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتحقق التنمية ، وبعد إعلان نتائج الانتخابات يظهر أن صاحب البسطية لم يحصل إلا على عشرات الأصوات ، فيندب حظه العاثر مثل المئات غيره لفشله في الحصول على شرف تمثيل الشعب في مجلس النواب .
وجود بسطيات الأحزاب تجعل العراقي ، في حال اقتناعه بالمشاركة في عملية التصويت، في حيرة من أمره فيبقى داخل دائرة مغلقة لا يستطيع منح صوته لقائمة جديرة بثقته ، وقد يضطر إلى الاستعانة بالسبحة 101 لتحديد خياراته ، أو انتظار فتوى من رجل دين يرشده للقائمة المعبرة عن إرادته ، والحيرة ستستمر لحين تشريع قانون تنظيم الأحزاب المعطل وعلى الرغم من إعلان الكتل النيابية العمل على إقراره في أقرب وقت ممكن ، قبل خوض الانتخابات التشريعية المقبلة في العام 2014 ، هناك من يعتقد بأن إنجاز هذا الاستحقاق ليس بالأمر الهين ، ويحتاج إلى المزيد من المشاورات والمباحثات والتمحيص والتدقيق ، ليشرع بشكل يرضي جميع الأطراف. والمجلس بوضعه الحالي يبدو عاجزا عن تحقيق هذا الإنجاز ، لأنه رهن إرادته برؤساء الكتل النيابية الكبيرة، وهؤلاء يرفضون الكشف عن مصادر تمويل أحزابهم منذ كانت دكاكين وأصبحت اليوم متنفذة وتتطلع لحمل صفة الحزب الحاكم بزعامة أبو البسطية .
مقالات اخرى للكاتب