تفرط بعض المؤسسات الجمهورية الأميركية الممسكة بالقرار العراقي في الخارج بالتفاؤل، بينما الديمقراطية صانعته حالياً- مؤقتاً تناقضها بنظرة تشاؤمية لمستقبل العراق. صاغت تقارير ربطتا لأول مرة فيها تطورات الوضع العراقي برمته بنظيره الإيراني. وما يمكن أن يحصل قبل وبعد الإنتخابات العامة المتوقع إجراءها في ظل إنهيار وضع العراق أمنياً وسياسياً وتراجعه إقتصادياً. في حسبان هذه المؤسسات كل شيء، إلا أن يطرأ فجأة تآكل صحة المرجعان "السيستاني" في العراق، و"خامنئي" في إيران، وهما في الثمانين، عامل الشيخوخة لايشكل خطراً على وضعهما بقدر خشيتهما من إنفلات ضبطهما مؤقتاً للصراع الدائر بين أجيال "ثورة الخميني" في إيران، و"بيته الشيعي" الحاكم في العراق. وهي (ثلاثة) أجيال. "المؤسسين" وهم ينقرضون بالخرف وبالموت. والثاني داخل السلطة وعلى طرفها في كلا البلدان. والثالث "متهور" لاضوابط لسلوكه ويُقلق الجميع. لكونه نشأ في بلاد الإغتراب واللجوء. مايهمه من المذهب والثورة وبيتهما الحاكم التمدد بشكل عمودي أي السلطة والمال وما ملكت يمينه. يتقاطع مع الآباء والأجداد في تمددهم أُفقياً- في الوطن العربي وجواره الأفريقي التركي-. التمدد الأول يعالج بكف شره حُراسه للنفط فيعود لاجئاً لبلد كسبه الجنسية. الثاني يُخشى عليه ومنه.
إذن، التغيير قادم ويجتاح الماضي وقد يأتي أبكر من المتوقع على العراق وإيران. يحسن التذكير بفشل الجميع في ملء فراغ الأجداد والآباء. بين هؤلاء ومن حولهم يدور الصراع الجديد. مخبوءاً في قـُم علنياً في النجف. بغض النظر عمن يبقى أو يذهب غداً. ومن سيقعده المرض أو العجز الديني أو الفشل السياسي- الإنتخابي. مَن مِن هؤلاء سيكون الأول ومن الثاني؟.. غالب الظن أن مرحلة "عمار الحكيم"، إذا إستطاع أن يُمسك الأمر بخطف السُلطة، ستستهلك الجميع وتحيلهم على التقاعد من الحياة أو الوظيفة. سينبُت جيل جديد أصغر يدور ويُدار به الصراع بقوانين الحياة. بقوانين السياسة ومايحيط به أو يرتكبه لن يُبقي النظام. سيكون المستقبل مختلفاً وقد زرع المالكي، بوحيِ من أوحى، أسباب إنهياره.
إنه التحدي العظيم والصراع القادم الكبير. هنالك من يقول أن إختيار "عمار الحكيم" أبعد الأبناء والعديد من رجال الجيل الثالث لأنه يصغرهم، وحين يجيء قدر الله وقضاءه لن يكون هؤلاء المتصارعون اليوم أحياء غداً؟!..
لابد إذاً من وارث يسبق الخوف القادم فيضع حداً للصراع. يحسمه فجأة بخيار الأكفأ- الأسلم لبقاءه. يحسمه فتبقى الأُسرة الدينية الحاكمة، أو يحسم الجديد بقاءها أو إنهيارها فيضعها جانباً. وتلك هي الأيام نداولها بين الناس.