((لقد تسبّبت تعاليم الإسلام الرفيعة، وأخلاق الرسول العظيم في أن يتزايد عدد المنتمين إلى الإسلام يوماً بعد يوم،وتزاد بذلك قوة الإسلام العسكرية والاقتصادية والسياسية.
وقد أحدث هذا التقدم المتزايد الباهر قلقاً وضجة عجيبة في الأوساط اليهودية الدينية،لأنهم كانوا يتصورون أنهم يستطيعون بدعمهم رسول الله صلى الله عليه وآله،وتقويته وتأييده جرّه إلى صفوفهم،ولم يكونوا يتصوّرون قط أنّ النبيّ صلى الله عليه سيحصل بذاته على قوةٍ تفوق قوة اليهود والنصارى،من هنا بدأوا بممارسة الأعمال الإجهاضية مثل طرح الأسئلة الدينية العويصة على رسول الله صلى الله عليه وآله،بغية زعزعة إيمان المسلمين بنبيّهم،ولكن جميع هذه المخططات باءت بالفشل، ولم تترك أي أثر في صفوف المسلمين المتراصة وإيمانهم العميق برسول الإسلام...
هذه المناظرات والمجادلات وإن كانت لا تزيد غالبية اليهود إلاّ تعنتاً وعناداً، ولكنها كانت تسبّب أحياناً يقظة البعض وإقبالهم على الإسلام،مثل" عبد الله بن سلام".
فقد أسلم ابن سلام الذي كان من علماء اليهود وأحبارهم، برسول الله صلى الله عليه وآله بعد سلسلة من المناظرات والمجادلات المطولة،ولم يمضي وقت كبير على إسلام أبن سلام إلّا والتحق به عالم آخر من علماء اليهود هو"المخيريق"…
ففي ظلّ المجادلات والمحاورات رغب جماعات كبيرة من الوثنين واليهود في الإسلام فآمنوا برسول صلى الله عليه وآله وصدّقوه.
من هنا دبّر اليهود مؤامرة أخرى وهي التذّرع بأسلوب"فرق تسد"لإلقاء الفرقة في صفوف المسلمين.
فقد رأى دهاة اليهود وساستهم أن يستغلوا رواسب الأختلافات،ويؤججوا نيران العداء القديم بين الأوس والخزرج الذي زال بفضل الإسلام، وبفضل ما أرساه من قواعد الأخوة والمساواة والمواساة والمحبة،بعد أن كانت مشتعلة طوال مائة وعشرين عاماً متوالية،ليستطيعوا بهذا الطريقة تمزيق صفوف المسلمين بإثارة الحروب الداخلية بينهم،والتي من شأنها ابتلاع الأخضر واليابس والقضاء على الجميع دونما استثناء...
(اقول:كاد اليهود أن ينجحوا بإثارة الحرب بين الأوس والخرج حتى بلغ الأمر الى حمل السلاح وان يقع قتال ودم بينهم،لولا ان أطفأها الله بفضل رسوله،ورد عنهم كيد أعدائهم).
إلاّ أن مؤمرات اليهود لم تتوقف عند هذا الحد،ولم تنته بهذا،فقد أتسعت دائرة خيانتهم وجنايتهم،ونقضهم للعهد وأقاموا علاقات سرية وخاصة مع مشركي الأوس والخزرج،ومع المنافقين والمترددين في إسلامهم واعتقادهم،واشتركوا بصورةٍ صريحةٍ في أعتداءات قريش على المسلمين، وفي الحروب التي وقعت بين الطرفين، وكانوا يُقدّمون كل ما أمكنهم من الدعم والمساندة للوثنيين ،ويعملون لصالحهم!!
وقد جرّت هذه النشاطات السرّية والعلنيةُ المضادّةُ المعاديةُ للإسلام والمسلمين،وهذا التعاون المشؤوم مع مشركي قريش،جرّت الى وقوع مصادمات وحروب دامية بين المسلمين والطوائف اليهودية أدت في المآل الى القضاء على الوجود اليهودي في المدينة...
بنقض العهد،ومعاداة الإسلام والمسلمين،والتآمر ضدّ رسول الله صلى الله عليه وآله خاصة،وبنصر أعدائه،ودعم خصومهِ،الأمر الذي أجبر النبّي صلى الله عليه وآله على تجاهل تلك المعاهدات الودية والإنسانية،ومن ثم محاربتهم،وإخراجهم من المدينة وما حولها،والقضاء على ما تبقى من كياناتهم الشريرة)).
مقالات اخرى للكاتب