أتعجب عندما أسمع أو أقرأ أن الساسة والسياسيين والدبلوماسيين والعاملين في الحكومات والسفارات وأقرانهم لديهم حكمة ومرونة وسلاسة ويتعاملون بالمنطق والحقائق والمراوغة في حال الاحتياج لها ..! ما نراه الآن على الساحة السياسية يظهر العكس تماماً فما نراه أن آخر الحكماء والعقلاء هم السياسيون وآخر من يتحدث في المصلحة العامة وحقوق الآخرين هم السياسيون وبخاصة العرب بعد كارثة السقوط المتتالي والمتواصل للحكومات العربية وبدون مقدمات أو تحذيرات العراق تونس ليبيا مصر اليمن وسوريا على الطريق ومن التالي السودان الله اعلم ولا أريد أن أطيل الحديث عن هذا الموضوع لأن له تبعات أخرى سيأتي الحديث عنها لاحقاً . ما يثير الرأي العام في هذه الأيام بدايات أو أواسط حرب البسوس بين العراق والكويت . وهذه المرة عن ميناء مبارك العملاق أو التحدث عن خور عبدالله ( تصوروا ) وكأن الكويت الشقيقة لا تملك منفذاً بحرياً واحداً أو عشرات الموانئ لدولتها العظيمة لتأتي بدون إستئذان كي تنشأ ميناءً عملاقاً يسد آخر منفذ بحري للعراق وكارثة جديدة تضاف للكوارث اليومية . ولو سألت طفلاً في الإبتدائية عن سبب إنشاء هذا الميناء لأجابك بلا أي تردد أنه مضايقة أخرى للعراق وهم آخر لشعبه ومحاولة آثمة لتجويع شعبه وخطة تنفذها السلطات الكويتية لتقييد قدرات العراق النفطية والإقتصادية . ردود الحكومة العراقية تبخرت وتناثرت بين أعضاء مجلس النواب والكتل والأحزاب والقنوات الفضائية التي عبرت عن الموقف على وفق ما تفرضه مصلحة إدارة كل قناة وعلاقاتها ومصالحها . وللذين لا يعرفون حجم وتأثير هذه الكارثة أدق كغيري ناقوس الخطر لأن هذا الميناء رصاصة الرحمة لآخر منفذ عراقيٍ على الخليج وستظهر البيانات والتقارير الصادقة وعما قريب ما يحمله إنشاء هذا الميناء أو صفقة مشروع خور عبدالله على الشعب العراقي من زيادة في عدد فقرائه ومشاكله وتحطيم وتهشيم وتمزيق لكل خططه لإصلاح البنى التحتية واستبدال الواقع المرير الذي خلفه الاحتلال البغيض وما نتج عنه من دمار وخراب لكل المكونات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للعراقيين بكل أطيافهم وطوائفهم وقومياتهم وأديانهم ومذاهبهم مما سيؤدي حتماً الى ثورةٍ شاملة لا تقتصر على ما يجري في ساحة التحرير أو بعض مدن العراق بل سيتعداه الى ثورة عراقية كبرى لإسقاط من يسبب ويدعم ويؤدي الى تضييق الخناق على العراقيين المبتلين بأنظمتهم وحكوماتهم . فساحة الشرق الأوسط وبقدرة قادر أصبحت مثابةً للديمقراطية وثورات الجماهير وبيانات رقم (1) ..!
نحن على بوابة التغييرات الكبرى التي ستطال الجميع شاءوا أم أبوا سواء نسقوا جهودهم أو دفعوا كل أموالهم لإسقاط هذا النظام أو ذاك فالأمر وشيك الوقوع ولا توجد به مفاجئات كثيرة كمفاجأة إسقاط مبارك وتحويله الى مومياء سياسية في غضون أيام . لأشقائنا في الكويت نصيحة مع أنهم لا يأخذون النصيحة إلا من الأمريكيين . عليكم بالعراقيين أشقاء وأخوة لكم وهذه ( الملاعيب) والنكات المبوبة تحت باب الموانئ والديون والتعويضات وخروجنا من البند السابع لا تنطلي حتى على العصافير ..!
فإيران على أبواب الخليج والإيرانيون لا يعملون على قاعدة عدو عدوي صديقي سيئة الصيت بل الكل عدوي وأولهم صديقي وأخي شبع الناس من التأويلات والتفسيرات وإذا ثار الجياع كي يشبعوا فإياكم وثورات الّذين شبعوا فثورتهم أقوى وتغييرهم أسرع لأنهم لا يريدوا أن يفرطوا أبداً بما كسبوا ويتحولوا بين ليلةٍ وضحاها من مترفين الى جياع . فليحتفظ كلٌ بما كسب الكويتيون بالكويت والعراقيون بالعراق ولا ضرورة كي يصبح العراق للكويتيين لأن طعمه مالح ومر جداً وقد جرَّب الفرس والتتار والمغول والبريطانيون والأمريكيون حظهم العاثر في العراق وقد أّعْذَرَ من أَنْذَرَ. والعراقيون ينتظرون من أبناء عمهم في الكويت علاقات صادقة وجيرة تخلو من التآمر كي يبقى لهم باب الشمال مفتوحاً لأن شمال الكويت العراق العظيم وغرب الكويت صحراء قاحلة وجنوبها بحرٌ طويل وعريض أما شرق الكويت فأذكّر الأشقاء في الكويت وغيرها بحديث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم (( الإيمان يمان وكلٌّ كفرٍ من المشرق )) والسلام .
مقالات اخرى للكاتب