منذ نهاية العام الماضي والقوات التركية تصول وتجول في نينوى بحسب ما اكده المتحدث بإسم حكومة إقليم كردستان سفين دزيي وتدرب ما يسمى بالحشد الوطني التابع للمحافظ السابق اثيل النجيفي في معسكر زيليكان بناحية بعشيقة التي تبعد عن الموصل 30 كيلومتراً من جهتها الشمالية الشرقية ، والحكومة العراقية لم تعرف إلا للتو كما صورت هي ما دفعها لإصدار بيان طالبت فيه تركيا بسحب قواتها بشكل فوري من شمال العراق معتبرة ما تقدم خرقاً خطيراً للسيادة الوطنية.
ومنذ أيام قلائل زار وزير الدفاع خالد العبيدي المعسكر ذاته، والمؤكد انه اطلع بنحو واضح على طبيعة عمليات التدريب فيه والتي يقوم بها ضباط وجنود اتراك حسب ما يقوله الإقليم الى ان الأخير لم يخبرنا فيما اذا كان هؤلاء قد اختبئوا اثناء زيارة العبيدي لكي لا يشعر بوجودهم وتقوم الدنيا ولا تقعد باعتباره خرقاً للسيادة والأعراف الدولية كما تفضل به رئيس الجمهورية فؤاد معصوم في بيانه السبت والذي على ما يبدو لا يدري هو الاخر بهذا التجاوز المتعدد الأشهر.
والواضح هنا وغيره من الوقائع أن من غير المعقول أن لا تتوفر معلومات لدى الحكومة عن التوغل التركي حتى وإن تم اتهامها بالتغافل خاصة وان القوات التركية تسير لمسافة واسعة قبل ان تصل الى بعشيقة وحدث كهذا تشرق عليه الشمس وتفضحه ، ايضاً رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو ومحافظ نينوى السابق اثيل النجيفي وهنا لا افترض صدقهما أكدا أن دخول القوات التركية لنينوى ليس بالأمر الجديد وتم الاتفاق عليه مع الحكومة العراقية التي لم تصدر بدورها أي بيان ينفي كلام الاثنين بل اكتفت برفض الدخول الجديد الذي جاء بحسب النجيفي لاستبدال القوات التركية في المعسكر بأخرى جديدة.
كيف لا تعرف الحكومة العراقية بالتوغل التركي الى الآن وهي التي يفترض ان تعلم كل شيء لتوفر أسباب عدة على رأسها قيادة العمليات المشتركة التي تراقب الحدود بطيرانها الحربي وتنسق كل العمليات مع
طيران التحالف الدولي وتبحث كل مستجدات عمليات الانتشار مع إقليم كردستان وخصوصاً في المناطق القريبة منه وتشرف على السماء والأرض في البلاد وتسير الطائرات والجيوش الجرارة حيث تريد ولعلم كثيرين أقول بناء على معلوماتي الصحفية التي حصلت عليها من مصادر موثوقة ان هذه القيادة تعمل بنحو متمكن وتتوزع مهام الرصد فيها على طول مساحة الوطن .
ايضاً ، لماذا لم يزود التحالف الدولي الذي تنفذ طائراته ضربات شبه يومية ضد تنظيم داعش في نينوى، الحكومة العراقية بمعلومات عن تحرك القطعات التركية من والى العراق ولماذا لم يصدر عنه موقف رسمي عن الذي يحدث من خروقات ؟
هل الامر متفق عليه اميركيا وتركياً في اطار مشروع معين يدعمه إقليم كردستان لانه يصب في مصلحة اعلان الدولة الكردية والتي اجزم ان الاتراك لن يجعلوا منها حقيقة واقعة مهما كلف الامر، ام هو امر اتفق عليه الاثنان مع حكومة العراق لأهداف غير معروفة حتى اللحظة او لضعف ينتاب الأخيرة التي تريد الحفاظ على علاقات إيجابية مع الجوار العراقي حتى ولو تلقت منه ضربات تلو الأخرى على الرأس لأنها لا تريد ان يقال عنها بأنها نسخة مكررة من حكومة نوري المالكي السابقة التي لم تبق أصدقاء مجاورين للعراق الا القلة القليلة منهم.
الامر غير معقول ، وكلام الحكومة لا يعدو كونه استهلاكاً إعلامياً حتى وان استدعت السفير التركي في بغداد ، لكن الحدث الأبرز والأكثر خطورة على هذا الصعيد اعلان فصائل شيعية مسلحة الحرب على المصالح التركية في العراق ثأراً له على تجاوزات انقرة المستمرة دون ان تلقى ردعاً من الحكومة التي تريد ربما اعتبارهم ورقة مواجهة غير مسيطر عليها بمزاج الحكومة مع أي طرف له حدود ومصالح مشتركة مع العراق تلوح بها بشكل غير مباشر مرسلة رسائل عدة تقول فيها ان المعارضين لسياسات هذه الدولة او تلك كثر ولديهم استعداد ان ينفذوا بشكل غير رسمي ما يريده صناع القرار .
فرضية يحتمل ان تكون مؤكدة او على نقيض ، وما يجعلني ايضاً لا اثق بما ذهبت اليه الحكومة من تفاجئ غريب وصدمة في اول رد فعل لها
على الانباء التي نشرت بخصوص التوغل التركي ، هو حدث أخير أعلنت من خلاله الولايات المتحدة الاتفاق مع حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي على نشر قوات خاصة في العراق قوامها مائتا جندي وليس قوات برية بالألاف ورد رئيس الوزراء على هذا التصريح بتأكيد رفضه تواجد قوات برية قتالية اجنبية على الأرض العراقية دون ان يرفض صراحة تواجد القوات الخاصة على وجه الخصوص الامر الذي سوقه الاعلام القريب من السلطة على انه رفض شامل تناغماً مع رغبة الحكومة التي أكدت مصادر عسكرية كردية لصحيفة الغارديان البريطانية قبل أيام علمها بعمليات سرية تقوم بها قوات أميركية خاصة شمال العراق حققت بعض النجاحات في معارك بكركوك ونينوى.
مقالات اخرى للكاتب