دار نقاش بيني وبين احد الاخوة وهو برتبة لواء حول مفهوم ( مسك الارض ).
وقد اثار استغرابي وهو يصف فهمه لهذا الموضوع بقوله على القوة الامنية المكلفة، القيام بالسيطرة المكانية على مساحة الارض المراد مسكها وقطع الشوارع المؤدية اليها الا ما تراه هذه القوة ضروري للسماح بالمرور عبرها او فتحها لاسباب وجيهة وبهذا تكون هذه القوة قد حققت مسكها لهذه الارض المعنية.
ومن المعلوم ان القوى الامنية دأبت على اتباع هذا الاسلوب لاكثر من عقد من الزمن وكان اسهل ما يمكنها القيام به هو سد الشوارع معتبرةً بذلك انها تحقق الامن للمواطن وتلجم المداهمات الارهابية وانها تؤدي انجازاً وطنياً عظيماً.
غير ان الذي لاتكترث له هذه القوى هو ما يشعره المواطن وما يعانيه من جراء هذه الالية الساذجة حيث يدفع ثمن قطع الطرقات التي ربما تؤدي الى خلق مشاكل حقيقية له بعض الاحيان كعدم مقدرة ايصال مريض الى الطبيب الذي قد يؤدي الى فراقه وقد يحدث هذا ليس بسبب اعتراض مراقب نقطة التفتيش لمرور هذا المريض ومرافقيه انما بسبب الانتظار الطويل لوجود طابور امامه ينتظر انتهائه.
هذا يعني ان المواطن هو الذي يدفع ثمن ما يتحقق من نسبة امنية ان تحققت من وراء هذا الاجراء وليس التطبيق الساذج لمفهوم مسك الارض هذا. والعجيب ان هذا الاسلوب استمر في التطبيق لكل هذه السنوات دون ادخال اي تحسن عليه فضلاً عن عدم تغييره، بينما نجد الارهابيين في الجانب المقابل مستمرون بتغيير اساليبهم ومحاولة المضي بابتداع المزيد منها على طول الخط.
كان يفترض ان نتعلم من هذه التجربة خلال كل هذه الاعوام فان ابسط انسان او بالحقيقة اي مخلوق بامكانه التعلم من كثرة التكرار.
ان موضوع مسك الارض بالمفهوم العسكري الذي يعنيه الاخ اللواء هو التشبث بالارض المحررة في الحرب بعد تحريرها والسيطرة عليها وهو ليس ما ينطبق على مناطق المدن لغرض انقاذها من العمليات الارهابية.
لهذا اوضحت له ان مسك الارض مفهوم معنوي غير مباشر تتداخل لانجاحه عوامل عدة والا فلايمكن ان يحقق غايته بهذا الشكل الذي تتبعون لانه ببساطة بامكان اي ارهابي او اي انسان التعامل مع هذا الاسلوب واختراقه وتمرير مايمكن تمريره وكأنه غير موجود وعندها لانحصد من وراءه الا معاناة المواطن واضاعة الوقت والطاقات وهذا ما هو حاصل فعلاً.
ان مسك الارض يعني تواجد شبكة من العيون في اي مدينة او محلة يراد مسكها بعد ان تقسم الى اجزاء وثم تقسم الاجزاء الى شوارع ويزرع في كل شارع عين لمراقبة الوضع وما يحصل فيه ويتم تناقل المعلومات عبر الشبكة المتكاملة في تلك المدينة ومن خلال تلك الشبكة يتم متابعت الهدف المشبوه عند تحركه وآخر خيط في الشبكة يجب ان يكون عبارة عن عربة نجدة او رجل مرور او اكثر مع دراجة بخارية او اي قوة امنية تتحرك بسرعة ويكون وقوف هذه القوة على رصيف الشارع دون مضايقة الماره، ويكون القسم الثاني المكمل لهذه الشبكة وجود سيطرات قليلة معدودة في المداخل الاساسية للمدن الكبرى مستعملةً عربات مجهزة بالاجهزة الكاشفة ( السونار )، هذا هو مفهوم مسك الارض الحقيقي والذي تستخدمه كل الدول صاحبة الامن المستتب.
ولكننا لسنا بحاجة مع الاسف الشديد الى طرح السؤال الملح ( لماذا لم تستعمل قواتنا الامنية هذه الطرق وما الصعوبة في ذلك ) عندما نتذكر ان جهاز السونار المهزلة الذي لايمثل الا كونه لعبة لاتتعدى كشف العطور وقد تم استغلاله اكبر استغلال حيث تم شراءه باكثر من ستين الف دولار وثمنه الحقيقي لايتعدى العشرون دولار فقط ناهبين بذلك قوت الشعب المسكين، عندها نعرف ما هي العلة الكامنة ونقول ان عرف السبب بطل العجب.
ولكن ماذا سيسمي الاخ اللواء ما قام به الدكتور العبادي من رفع للحواجز الكونكريتية وفتح الطرق في بغداد هذه اليوم 7/ 2/ 2015، هل سيعتبر ذلك آلية فاشلة لاتؤدي الى غرض مسك الارض ، ام ماذا؟.
على كل حال اعتقد ان كل مواطن، بل كل انسان اينما كان موقعه ومهما كان مستواه يدرك ان الدكتور العبادي ليس بتلك السذاجة ليتخذ هكذا اجراء دون ادراكه بانه الانجع والانفع وهو البديل الاصح حيث لمسنا عقم الاجراءات آنفة الذكر واصبحت بالية خرقة.
سيتم التعامل باساليب وتكتيكات احدث مما دأبت عليه القوى الامنية لحد الان لغرض تجسيد مفهوم مسك الارض الحقيقي الذي يكفل الحد من ظاهرة الارهاب التي لايمكن الخلاص منها دون تجفيف منابعها وبشكل ذكي من خلال متابعه ومبادره استباقيه وليس قطع الطرق على الناس المساكين لنزيد همهم هماً وامراضهم النفسية المتأتية من هذا الضغط اليومي امراضاً.
اللهم ارحم العراق وابناء العراق، اللهم مسهم الضر ففرج عنهم كل كرب بحقك يا ارحم الراحمين.
مقالات اخرى للكاتب