Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
وادي دهوك والجبل الأبيض وحكاية الكهف الزرادشتي
الأربعاء, تشرين الأول 7, 2015
يوسف المحمداوي


كلما أنهيت رحلتي في استطلاع مكان ما في ربوع هذا الوطن الساحر،وقبل أن أنتهي من رشف كأس التباهي على طاولة الوداع، حتى أجد نفسي مرغما على رزم حقائب الرحيل للقاء فتنة اخرى عطرها يغري القاصي والداني على الجري باتجاهها وكأنها الهدف الذي يصبو اليه اي لاعب بميدان السباق،فكم من ساق نحتاج لنصل الى ايقونات وكنوز وشواخص ثراء هذه الارض التي ابتلينا بعشقها،وكم من عين يحتاج الناظر لتلك اللوحات الفنية التي صاغتها أزاميل الطبيعة على جدران الوجود،وكم من حبة اسبرين لابد ان تكون بحوزتك حتى لا تتوقف دقات القلب بصرخة دهشة،أو صمت ذهول وسط وطن تكالبت عليه الدنيا بأجمعها كأية عين قبح حاسدة لما فيه،ولما أعطاه ويعطيه،ومع مايجري لسان حاله يقول لكل هؤلاء «باقً وأعمار الطغاة قصار».

اختلاف الآراء في التسمية

تحدثنا في استطلاع نشر قبل عيد الاضحى عن «خنس} دار استراحة الملك الآشوري سنحاريب في محافظة دهوك ،واليوم يأخذني صديق العمر الكردي(برهان أحمد) الذي رافقني طيلة تلك السفرة الى آية اخرى من سور جلالة الطبيعة التي تتمتع بها تلك المدينة الموغلة بالقدم والثراء الحضاري،واختلفت آراء المؤرخين في تسميتها ، فالبعض يقول ان التسمية جاءت لوجود جبلين كبيرين في المدينة يماثل شكلهما شكل البيضة التي تسمى باللغة الكردية (هيك) ودو تعني اثنين، فيما يشيرالمؤرخ حسين حزني موكرياني الى انه في اواسط القرن الرابع عشر الميلادي كان هناك امير يدعى (آخش ندو) في عهد مملكة نوزي، حكم المدينة وكان يفرض جباية على القوافل العابرة منها باتجاه سوريا او تركيا، وهي عبارة عن كفين او قسطين اوصاغين ودو تعني اثنين والصاغ هوك، فيما يعتمد المؤرخ انور مابي على تقرير صحفي نشرته جريدة العالمين ان اسم دهوك في عهد الامبراطور (تاسيسوس بيزا سيوس) كان جاهوك،بعد ان انهى حديثه كنا قد وصلنا الى وادي دهوك وهو يبعد نحو كيلومتر واحد عن مركز المدينة،وقفنا امام بناية مكتوب عليها في اللغتين العربية والكردية مديرية ادامة وصيانة آثار جارستين.

عمره ثمانية آلاف عام

مع بداية تخطينا غرفة الاستعلامات، تواجهك المستوطنة بسلم صخري، ،وحين أسأل صديقي ودليلي الذي هو استاذ بمادة التأريخ عن اية معلومة لا يعرفها كان يتصل هاتفيا بمن هو أدرى منه ليوضحها لي بعد ذلك ،مبينا ان أقدم الكهوف التي سكنها الانسان جارستين وهي مؤلفة من كلمتين (جار) وتعني الاربعة و(ستين) الاعمدة،وتقع هذه المحمية او المنحوتة على سفح جبل بي خير ويسمى ايضا بالجبل الابيض لكونه يرتدي ثوب الثلج اغلب ايام السنة تقريبا، ويرتفع عن مستوى سطح البحر بـ 750مترا،مضيفا انه في عام 1985 زار مدينة دهوك وبالتحديد قرية(نمريكي)التابعة لناحية فايدة التي تقع في الجنوب منها،فريق من علماء الآثار البولونيين باشراف البروفيسور(كوسولوسكي)،وتوصل الفريق الى نتيجة علمية بعد البحث هي، ان تاريخ المنطقة يعود
الى ثمانية آلاف عام قبل الميلاد،ومنذ ذلك التاريخ وهي مأهولة بالسكان،واعتمد الفريق بنظريته على وجود كهف جارستين الموجود في وادي دهوك،مبينا ان اغلب الباحثين اكدوا ان كهف الاعمدة الاربعة يعد من اقدم الكهوف التي عاش فيها الانسان،وهذا ما يؤكده المؤرخ حسين احمد بانه يعود الى القرون الوسطى،فيما تشير الوثائق المحفوظة في متحف دهوك الى ان تاريخ الكهف يعود الى 12000الف عام ماقبل الميلاد.

شعار الديانة الزرادشتية

عند المدخل الرئيس وانت تلفظ بخطاك اولى درجات السلم الصخري،سترغمك منحوتة كبيرة لرجل كهل وهو يرمز الى (فاراهار)،اي شعار الديانة الزرادشتية،ستلاحظ من خلال الشروحات الموجودة على الصورة،ان الرجل الكهل يرمز الى المحكمة او القانون الذي شرعته تلك الديانة ليحكم تابعيها،فالحلقة التي في يده رمز للميثاق مع الاله لفعل الخير والنهي عن الشر،اما الدائرة التي في منتصف الاجنحة ترمز الى قانون العمل ورد الفعل،الذي يشير الى انه من يعمل خيرا سيجني الخير،ومن يعمل الشر سيجني الشر،تذكرت حينها الآية القرآنية التي تقول(ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره). المهم الجناحان يتكونان من ثلاث طبقات،تمثل الافكار الطيبة والكلمة الطيبة والاعمال الطيبة، اما التنورة تمثل ثلاث طبقات وترمز الى الافكار السيئة والاعمال السيئة(كم من طبقة نحتاج الآن لندون السوء الذي نعيشه،الشرالذي ادمنه البعض، بالتأكيد طبقات وطبقات)،والخيطان في الاسفل يرمزان الى الثنائية في الكون وهما قوتا الشر والخيرالموجودتان في نفس وعقل وحياة الانسان،واليدان ترمزان الى الطاعة والصلاة،وهذا مادفع الدكتور هاشم خضير الجنابي في كتابه مدينة دهوك الى الاعتقاد بانها كانت معبدا زرادشتيا،وذلك لتشابه مخطط الكهف مع المعابد الزرادشتية،وجارستين.مستوطنة كبيرة تبلغ مساحتها 1كم مربع،وعلى الرغم من اهميتها تكمن في الكهف او المعبد،لكنها تحتوي على الكثير من المواقع الاثرية المهمة الاخرى،التي تطل جميعها على وادي دهوك الساحر بسده،بمتنزهاته،بمطاعمه،بزائريه سواء من المدينة او القادمين من مختلف انحاء العالم.

حصن وسور دفاعي

ليس هناك تاريخ محدد متفق عليه لاكتشاف جارستين،وتم ذكرها لاول مرة في كتاب دهوك عام 1973،وكذلك في كتاب دهوك في احضان الثورة عام 1979،ومن الرموز الدينية المنقوشة في صخور المعبد يجزم الناظر اليها على عراقة وقدم المعبد،وهناك من يقول بانه كان معبدا رئيساً لعبادة اله القمر(سين)،قبل ان يتحول الى معبد زرادشتي،ومايؤكد ذلك هو تشابه المعبد بتخطيطه الدائري الشكل الذي يبلغ 15 مترا مربعا،وكذلك ارتكازه على اربعة اعمدة،وهو ما يجعله مماثلا بالشكل والمساحة لقبة الحضرالموجودة في منطقة الحضر غرب الموصل،التي هي الآن اصبحت في خبر كان بعد ان دمرت المدينة عصابة داعش،وتحتوي المستوطنة على ثلاثة مداخل تمثل جميع الجهات باستثناء الجهة الشمالية
والبعض يعزو ذلك لاسباب دينية لعدم مرور الشمس من تلك الجهة،وجميع تلك المداخل تؤدي الى المعبد،وفي الطريق اليه فضلا عن السلالم الصخرية والخشبية،تجد من جهة الغرب آثارا لسور متهدم مشيد من الحجارة،وانتشارا واضحا لصخور
كبيرة وبارتفاعات عالية،وهذا ما يوضح للناظر بانها كانت في زمن ما عبارة عن حصن وسور دفاعي منيع،وحفر دائرية الشكل منحوتة على ارض المستوطنة،وتراها باعماق مختلفة وكل حفرة تسمى(هاون)،ويستخدم اغلبها لاشعال النار لغرض اضاءة المستوطنة ليلا او اثناء اجراء المراسيم الدينية،لكن المصادر تشير الى ان بعضها كان يستخدم كمجارش لطحن الحبوب.

ممر خشبي ضيق

وانا احاول الوصول الى النفق المؤدي للمعبد،قدماي تقولان لي ألم نصل؟، ويردعليها سحر المكان لم نبدأ!،ومع جلوسي متعبا على صخرة لاحظت سرباً من القلق يتطاير من عيون صاحبي،تذكرت جملة اجهل قائلها،ان الصديق المزيف كالعملة المزيفة لا تكتشفها إلا عند التعامل،وبالتأكيد العكس هو الصحيح،وهاهو بعد عقود عملة نادرة لا اتعامل بها بل اخزنها بين الضلوع المستحقات التقاعد،وعيناي كناعور حزن يدور بين حسن المكان وعبق التاريخ وألق ماضينا وبؤس حاضرنا،سرحت الى حيث لاأدري،لكن صوت برهان يتطابق مع ماأرى وجرني من التيه حين قال في المستوطنة :يوجد نفقان لابد من المرور باحدهما حتى تصل الى المعبد؛احدهما يقع في الجهة الشرقية من الكهف ويبعد عنه مسافة طويلة،ويتميز بشكله المثلث والوصول اليه يحتم عليك تسلق صخور كبيرة وممر ضيق بالغ الخطورة حتى تصل الى الكهف،اما الآخر وهو مايسلكه الزائرون عادة ويقودك مباشرة الى المعبد،فهو مستطيل الشكل أرضيته تغطيها اعمدة خشبية،يبلغ طوله11 مترا وعرضه متران وبارتفاع ثلاثة امتار،وهو محفور في الصخر وعلى جوانبه العديد من النقوش،التي تدل على ان جارستين كموقع اثري مر بمراحل تاريخية شأنه شأن محافظة دهوك،وحين دخلت النفق شعرت بان الهواء غير الهواء، وانا غير انا جلست على الخشب ولكن نهضت خجلا لاعاقتي مرور السائحين.

الدخول لعالم زرادشت

الذهول لا يكفي..خرافة ام اسطورة من صنع الانسان،اعمدة اربعة نصفها بيضاء كالملح او كالثلج ونهايتها بنية الشكل مائلة للسواد مرتكزة على دكة كبيرة اعدت للنذور،وكلها مبنية من الحجارة التي ربطت مع بعضها بواسطة كلاليب فضلا عن مادة الجص،والاعمدة الاربعة تشير حسب الديانة الزرادشتية الى تقديسهم للعناصر الاربعة،الماء،الهواء،النار،التراب.تؤكد الوثائق انه بعد عمليات التنقيب استخرج العديد من المصطبات والدكات،واعتقد الباحثون في البداية بانها كانت تستخدم للجلوس،ولكن تبين لهم فيما بعد انها اعدت للموتى،لكون طقوس ديانة زرادشت ونتيجة لتقديسهم العناصر الاربعة،يضعون موتاهم على تلك المصطبات
ويضعونها في اماكن مرتفعة لتكون فريسة سهلة المنال للطيور الجارحة التي تقوم بالتهامها.
لا ادري اذا ما استمر الحال في بغدادعلى ماهو عليه الآن،وبعد ان اتخمت مقابرنا بضحايا الارهاب هل سنضطر يوما الى تقديم ضحايانا فريسة للطيور الجارحة وحسب الديانة الزرادشتية؟!لا
اعتقد لان السماء خلت من الطيور،وحتى ان وجدت فالاتربة ستمنعها من الرؤية،وحفارو القبور سيتظاهرون،وقلتها في قصيدتي هزيمة آدم»أسعدنا حفار القبور وقادة البلد..
وأتعسنا من لا يخون اولا يموت»،اصابتني اكثر من رعشة لهيّبة المكان وبرودة هوائه الذي يعادل برودة مكيّفات هوائية،وسخرت من نفسي بالم وانا اقول (لا سحب ولاوطنية.. كهرباء زرادشتية)،اعطيت الكاميرا لسائح تركي ليصورنا انا وبرهان ونحن نضحك من اعماق صحبتنا المتجذرة في رحم مشاكسات الصبا،خرجنا من الكهف وانعطفنا الى اليمين عبر سلالم صغيرة،لتصحو عيون القلب على روعة وسحرالطبيعة وهي تغسل كل ادراني بشلال جارستين وهو ينهال راقصا على وادي دهوك كعاشق يغازل عشيقته بالقبل،،عشق ابدي،وأنا أتمتم مع خيبتي.. جارستين..كم من حضارة لفظت انفاسها على صخورك؟.كم من نذور على مصاطب زرداشت..اثلجت صدور النسور؟..
كم من حبة حنطة انتحرت بمطاحنك ليعيش الانسان؟..كم من حسرة أطلقها القلب وهو يلتفت صوب الحبيبة بغداد؟.




مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.45802
Total : 101