في طفولتنا كان أبائنا وأمهاتنا يستخدمون الكثير من الخرافات؛ (الطنطل) واقفاً على باب الغرفة، و(السعلوة) تخرج لمن أفتح عينيه وهو على فراشه؛ كانت هذه الكائنات: طريقةً أكتشفها ذوينا للحد من مشاكستنا ولعِبنا الطائش الذي لا ينتهي طِوال اليوم، والأسراع الى النوم مبكراً؛ ربما يكون الحق معهم! قطعنا شوطاً من الخوف الذي كان يرافق الطفولة، حتى وجدنا انفسنا في مرحلة الدراسة ألأبتدائية بين خرافة(الكف ألأحمر) فكان أثر هذا الكف منتشراً على جدران المدرسة، مما زاد هاجس الخوف لدينا من كل شيء يحيط بنا؛ من المدير، والمعلم، والحارس، وعاملة التنظيف؛ المتواجدين داخل مدرستنا. بمرور الوقت، و مع نمو قدرتنا العقلية على أستيعاب وتفهم ما حوِلنا؛ أكتشفنا إن كل تلك الكائنات الخرافية مجرد وهم، وليس لها وجود على أرض الواقع؛ لكننا فيما بعد؛ صُدمنا بمشاهد واقعية أشد وأعنف من القصص والأكاذيب والخرافات التي عاشت مع طفولتنا؛ لقد رأينا أفواه صماء لا تستطيع التكلم من الخوف، وحريات مكبلة عاجزة عن فكِ قيودها من القمع؛ قطع أللسن، وقطع الرقاب، والغرباء في السجون المشحونة بأنواع التعذيب، واللون الزيتوني(البعثي) الذي كنا نشاهده في كل مكان، وهو يرفع التقارير المؤدية للأعدام، أضافة للحروب التي أنهكت البلاد الى حصاراً دام سنيين عجاف، كل هذه المشاهد الواقعية كانت أشد وأمَر من ألأشاعات والقصص الخيالية التي كان يسطرها ألأباء والأمهات أيام الصغر حتى وإن كانت صادقة. بعد سقوط ذلك الصنم ذو مشهد الرعب الواقعي؛ أصبحنا نشاهد ما لا يصدقه العقل بأم أعيننا؛ لعبة القدر أخذت تحصد ألأرواح في كل يوم، فعند خروجنا لأي مكان؛ لابد أن نؤدي الشهادتين، فربما لا نعود الى المنزل! اما فقرات لعبة الرعب هذه؛ كثيرة، فأحياناً تكون: سيارة مفخخة او هوية غير مرغوب بها تؤدي لقتل صاحبها او رصاصةً بدون صوت تنقلنا لرحمة الله(عز وجل) لا نعلم أي فقرة من هذه اللعبة تشملنا! وألأعمار بيد الله تعالى وحده. الكف ألأحمر تلك الخرافة التي لاحقتنا في صغرنا؛ نشاهدها كل يوم؛ فأذا كانت سابقاً معمولة بواسطة معجون الطماطم او صِبغ الجُدران، فاليوم عملت بالدماء الزكية للأبرياء، واذا كان أبائنا وامهاتنا يسطرون علينا الخرافات الكاذبة بغية الخلود الى النوم، فماذا نسطر لأبنائنا لكي يناموا بعدما أصبحت الخرافة حقيقة بشعة؟ حسبنا الله ونعم الوكيل.
مقالات اخرى للكاتب