تشكل حالة الفساد الاداري والمالي قمة الهرم في انهيار البنى التحتية لأقتصاد البلدان النامية ومنها بلدان الشرق الأوسط ومن أهم الأسباب التي أدت الى تدهور أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المجالات كافة وتعد ظاهرة الفساد من ابرز الظواهر السلبية التي إستفحلت بشكل كبير في العراق بعد عام 2003 واصبحت مشكلة تتنامى يوماً بعد يوم نعترف بوجودها وبخطورتها وما تخلفه من آثار سلبية مدمرة واصبح الفساد مشكلة معقدة تحتاج الى جهود جميع شرائح المجتمع العراقي وفئاته لمحاربتها فضلاً عن الحاجة الملحة للدعم السياسي والبرلماني والتشريعي فيما يتعلق برفع غطاء الحماية السياسية والقانونية عن الفاسدين وترسيخ مبادئ الشفافية والمسألة في اعمال وتصرفات كبار المسؤولين في الحكومة ومؤسسات الدولة قبل سواهم. ويسير الفساد المتفشي في جسد الدولة ومؤسساتها بخط متوازٍ مع الارهاب والعنف الطائفي.
ويعد تراجع توفير الخدمات من كهرباء وماء ومجاري من أبرز مؤشرات الفساد ومنذ الاحتلال الامريكي للعراق في 9 نيسان 2003 وآخرها تخفيض رواتب الموظفين وأساتذة الجامعة والتراجع عن دعم التعليم الذي هو أساس بناء الاجيال وهذا ماأكده مؤشر دافوس لتقييم التعليم في العراق الذي كان مع الدول غير المصنفة بالتقييم وهي كالآتي (ليبيا – سوريا – اليمن – العراق – الصومال) من بين 140 دولة احتلت المرتبة الاولى سنغافورة كأفضل دولة في مستوى التعليم وهذا مؤشر آخر لفشل الحكومة في بناء دولة المؤسسات وعدم الاستفادة من أموال وعائدات السياحة الدينية والصناعة والزراعة والتجارة والاستثمارات و إرجاع المليارات التي سرقها الفاسدون من المسؤولين وردعهم ومحاسبتهم أمام الشعب عبر وسائل الأعلام علماً إن هؤلاء الفاسدين إستمروا في تهميش أصحاب الكفاءة والخبرة من أطياف الشعب عامة والذين جاءت بهم المحاصصة الطائفية تحت أقنعة مختلفة كالدين والوطنية الزائفة وتم ترشيحهم من قبل بعض الاحزاب الدينية الطائفية والتي مارست معهم ضغوطها وتوجيهاتها في اداراتهم و أعمالهم واصبح لهم نفوذ ورصيد من الاموال بشتى صورها النقدية والعينية وأصحبوا متخمين بالراحة والرفاه لاتهمهم معاناة المساكين من أبناء الشعب ماداموا قد وفروا لعوائلهم العيش الرغيد والأمان في دول الجوار وبعض الدول الاوربية وأصبحوا هؤلاء الفاسدين غير مكترثين لضياع البلد وتدهور أحواله وهجرة شبابه الحالمين بسبب البطالة وعدم توفر التعيينات لهم وبالاخص الخرجيين منهم وكان هطول الامطار لساعات مؤشراً لفشل المسؤولين في تقديم الف باء الخدمات للمواطنين وللبلد الذي يعاني من سيطرة داعش على أكبر محافظات العراق بالرغم ما قدمته القوات الامنية والجيش والشرطة والحشد الشعبي من تضحيات مشرفة لطرد الدواعش من معظم المدن التي سيطروا عليها..
فألف تحية للشرفاء من العراقيين والف كلا للفساد والفاسدين ونقول لهم الذي لا يستطيع تقديم شيء للآخرين فعليه أن لا يأخذ كل شيء ومن لا يمتلك القدرة على التضحية والاصلاح فليعتذر عن فشـــله ويغادر مكانه لكي لا يضيف فشلاً جديداً الى قائمته وليترك للشعب إختيار حياته وممثليه النجباء من أصحاب النزاهة والاخلاص والتضحية.
مقالات اخرى للكاتب