سراق, فاسدون،ووقحون, وقتلة !!!
ليلة السقوط الاخلاقي ...
حالة التعاطف الكبيرة مع حملات الاحتجاج على السلطة الفاسدة، لا يمكن حصرها في سياق سياسي أو مناطقي أو حتى طائفي. لان ما جاء به مؤشر الفساد في العراق ليس جديداً فظواهر الفساد تستشري منذ سنوات، وهو نوع اخر من انواع الارهاب وقد تحدثت عنه منظمات حكومية وعالمية ونالت من كبار المسؤولين في الدولة، وتتمحور في رشاوى وصفقات مشبوهة ومشاريع وتهم جنائية، وتمت ملاحقة عدد من الوزراء والمسؤولين العراقيين ويكاد يكون العراق هو البلد الوحيد الذي تتعدد فيه الجهات الرقابية التي تبحث في آليات الفساد ومستوياته دون أن تتمكن أي من هذه الجهات من تحقيق أي نتيجة مرضية على صعيد حصره أو القضاء عليه .حتى بلغ الفساد حدا دفع منظمات دولية متخصصة إلى وضع العراق بين البلدان الأكثر فساداً في العالم.. فلدينا ديوان الرقابة المالية ولجنة النزاهة البرلمانية، وهيئة النزاهة المستقلة، فضلا عن مكاتب المفتشين العموميين في الوزارات والمؤسسات، بالإضافة إلى الادعاء العام والقضاء. لكن مع ذلك لم يتم خلال الفترة الماضية حسم أي ملف من ملفات الفساد المفتوحة او الحد منه أصلا والتي أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي عن إعادة فتحها مجددا في سياق حزمة إصلاحاته التي أعلن عنها والتي جاءت عبر مظاهرات غاضبة حظيت بمباركة المرجعية الشيعية العليا.
وعلى سبيل المفارقة فإن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي كان يتحدث عن إجراءات وسياقات لمحاربة الفساد دون نتيجة . لان الفساد المالي والإداري والأخلاقي، يشكل جزءاً من الثقافة السياسة في العراق، فالمسؤولين متورطين في ملفات وفضائح قد تكلفهم مناصبهم، وبشكل سيء مما هدد الوضع الأمني والإقتصادي بالإنهيار. واليوم ثمة قضايا فساد يتم تداولها في الأوساط المهتمة، ما يؤكد تشكيل مافيات فاسدة تحول البلد الى مرتع للفساد. ولا يخفي أن الكتل السياسية تقف وراء بعض ملفات الفساد، وأن غالبية الكتل تحمي سياسييها المتورطين في هذه الملفات عبر مساومات تغيب عنها الرقابة"مع العلم ان أغلب المفتشين العمومين فشلوا بملاحقة المفسدين والسراق وفضح اختلاساتهم المالية لا بل ان عددا من هؤلاء المفتشين قد تسبب بإعاقة استرجاع الأموال المسروقة الى الوزارات
هل تتذكرون وزير التجارة العراقي الخطير السابق المدعو عبد الفلاح السوداني الذي هرب من العراق والمقيم حاليا .في العاصمة البريطانية لندن، وعنوانه (فورتي افنيو - ويمبلي بارك (HA9 9PE Forty Avenue، Wembley Park، Middlesex HA9 9PE) قرب محطة ويمبلي بارك (Near Wembley park station).وبالرغم من وجود مذكرة قضائية عراقية باعتقاله لسرقته مبلغ وقدره ثلاثة مليارات دولار أمريكي هي حصيلة حصته من سرقة مواد البطاقة التموينية العراقية؟ الا إنه اليوم قد تحول تحولا غريبا بعد أن دخل عوالم المال والاستثمار وودع حياة اللجوء والتشرد وادعاء المرض النفسي وهي الصفة التي تميز كل قيادات حزب الدعوة المقيمة في الخارج من الذوات الذين سلمهم الأمريكان وغفلة العراقيين مفاتيح السلطة التائهة في العراق في زمن التيه والضياع العراقي الكبير، صحيح أنه انشق عن حزب الدعوة، وصار من قياديي تنظيم العراق الى جانب عبد الكريم العنزي وخضير الخزاعي، لكنه يبقى ضمن نفس الجو العام للحزب.
بكارثة الفساد التي صنعها السوداني، احترقت سمعة الحزب، لأن مهمة وزارة التجارة كانت ترتبط بقوت المواطن الفقير، بلقمة عيشه البسيطة، بحصته التموينية التي لا يعيش يومه من دونها. ربما لم يجن السوداني ما جناه رفيقاه العنزي والخزاعي، لكنه فعل الفعلة المنكرة حين مد يده الى فم الطفل العراقي، فانتزع منها لقمة الصباح والمساء.. فهل هناك قسوة أكثر من هذه؟وهل يوجد ارهاب اكبر من ذالك ؟انه ارهاب السلطة؟
عبدالفلاح حسن حمادي السوداني، المولود في جنوب العراق بمحافظة البصرة عام 1947م، نشأ وترعرع في قرى محافظة البصرة حتى حصل على شهادة البكلوريوس من كلية العلوم / جامعة البصرة في حدود العام 1970م حيث عمل بعد تخرجه بنفس السنة بالتدريس الثانوي لمدة تزيد على السبع سنوات حتى عام 1977م ثم غادر بعدها الى بريطانية وتجنس بالبريطانية وعائلته تقيم في لندن وتحمل الجنسية البريطانية
انشغل بالبحث الجامعي من العام 1981 وحتى 1984م، الى ان حصل على دكتوراه كيمياء حياتية – جامعة ويلز – سوانزي 1981 و اصدر خلال هذه الفترة نشرة الارشيف السياسي، وعمل محررا في مجلة "العالم" الاسبوعية الصادرة في لندن حتى عام 1999م، كما تولى عبدالفلاح السوداني رئاسة وادارة ندوات مركز الشرق للدراسات.
أما في الحديث عن النشاط السياسي فنعود بالزمن الى عام 1963م حيث كانت تلك السنة بداية نشاطه السياسي عندما كان طالبا في المرحلة المتوسطة، حيث كان يلقي الخطب السياسية في المحافل العامة التي يرعاها حزب الدعوة في ذلك الوقت، بدعم من مرجعية الصدر الأول.
وكان السوداني أول المساهمين ساهم في تأسيس "الملتقى العراقي" الذي هو عبارة عن اجتماع دوري يناقش الوضع في العراقي.
انتخب السوداني القيادي في حزب الدعوة تنظيم العراق عضوا في الجمعية الوطنية عام 2005م، حيث انبثق عن الجمعية الوطنية حكومة الجعري سيئت الصيت.
عبد الفلاح السوداني العضو البارز في حزب الدعوة ووزير التجارة السابق ، قضية فساده معروفة ومازالت انجازاته الفاسدة مستمرة من بعده ، فقد كانت وزارة التجارة في زمن النظام السابق تستورد كميات كبيرة من الحبوب والتي كانت تسد حاجة المواطن من الطحين والرز وبملايين الأطنان ومن دون وسيط ، غير أن الأمر تغير بعد استلام حزب الدعوة مقاليد الحكم في العراق فقد هيمن الحزب على كل مفاصل الدولة ومنها وزارة التجارة، حيث تقرر جلب عروض الحبوب والمواد الغذائية الداخلة في البطاقة التموينية عن طريق وسطاء أو تجار مما أدى إلى خلق سلسلة من الفاسدين أولها في حزب الدعوة الحاكم وأخرها لا يعلمه إلا الله .
وتم اختيار السوداني لمنصب وزير التربية ابان فترة حكم ابراهيم الجعفري، ثم بعد اتخابات نهاية عام 2005 ، اختير السوداني لشغل منصب وزير التجارة، الذي اصبح في ما بعد كرسي الانتحار السياسي بالنسبة للسوداني.
تم استجوابه في مجلس النواب من قبل لجنة النزاهة البرلمانية وتم اصدار امر قبض قضائي بحقه وبحق شقيقه صباح السوداني ومستشار الوزارة الاعلامي، على اثر جملة من المستندات التي تورط بها السوداني، والتي منها تأسيس اثنين من أشقاء عبد الفلاح السوداني بمشاركة ولده مصعب لشركة تجارية وهمية لها عقود بمبالغ كبيرة لتوريد مواد غذائية لحساب وزارة التجارة، وتوقيع عقود مع شركات توريد مواد غذائية بمبالغ خيالية غير صالحة للاستهلاك البشري وقال رئيس هيئة النزاهة العراقية حسن الياسري ان هناك وزراء سابقون متهمون او مدانون بالفساد لكنهم فروا الى خارج البلاد بينهم السوداني.
وأوضح "لقد عملت الهيئة خلال هذه المدة من هذا العام على 242 ملفا لاسترداد المتهمين وارجاعهم الى العراق وفي مرحلة الملفات الجاهزة وعددها 157 ملفا الملفات التي فتحت خلال هذه المدة من هذا العام 71 ملفا وما دور من السنوات السابقة وعدد الملفات قيد الاعداد 85 ملفا وفتح منها خلال هذا العام 25 ملفا ودور من السنوات السابقة 60 ملفا ومجموعها كلها 242 ملفا وبلغت نسبة الانجاز 65%
سقوط السوداني وسع صداه العراق كله، وأغرق حزب الدعوة في الاتهام المعيب، فكانت هذه فعلة منكرة أخرى.. فعلة ساهم بها العديد من القياديين عندما وقفوا يدافعون عنه، وكأنهم اتفقوا على إحراق تاريخ حزب الدعوة بتضحياته وشهدائه ونضاله بشرارة واحدة. وتزداد القسوة ويتعاظم الهبوط الأخلاقي، على حساب الدين والضمير . يقول "الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر في كتابه «فلسفتنا» الصادر في العام 1959 انه لا يعرف غريز عند الانسان اعم واقدم من غريزة «حب الذات» التي هي «من صميم طبيعته» و»القوة المحركة الرئيسة» لسلوكه وتصرفاته ومواقفه. وتعبر غريزة «حب الذات» عن نفسها من خلال «حب اللذة» و»بغض الالم».وحب المال من فروع هذه الغريزة. وتتحدى مشاعر الناس بكل صلافة ووقاحة وخبث
قال نجل الجعفري (أحمد) في أول تصريح له خلال مجلس عزاء حُسيني باللغة الإنكليزية جرى في العاصمة البريطانية لندن ان والده قرر عدم المشاركة بالإنتخابات البرلمانية المقبلة وقال ان الشعب العراقي وبنسبة ٩٠ ٪ سيقاطع تلك الإنتخابات بعد ان يأس من الساسة والأحزاب والوعود الكاذبة لهم.
وأضاف الجعفري أنه يخجل من القول بعد , (بأن فترة البعث هي الأسوأ في تاريخ العراق )، بعد الكوارث التي حلت على الشعب العراقي خلال فترة حكم مابعد 2003 خصوصا فترة مايسمى (دولة القانون) .
وأكد " ان اللصوص كانوا يتسابقون فيما بينهم على سرقة المال العام ونهب الميزانيات الانفجارية وكأنه غنيمة حرب لهم"وأكد على إن أربعة مفتشين في أربع وزارات كانت بيد المالكي وهي الداخلية والدفاع والتجارة والكهرباء ساهموا بتحطيم العراق والعراقيين لأن هذه الوزارات تستلم أكثر من نصف ميزانية الحكومة سنوياً ولم تقدم أي منجز والعقود الوهمية شعارها والسرقة هدفها.
وأشار إلى أن تهريب المالكي لشريكه عبد الفلاح السوداني من سجن السماوة وهو مدان بأكبر سرقة بتاريخ الدولة العراقية من العصر الملكي الى الآن ستبقى وصمة عار بجبينه سيُخلدها التاريخ مع عار جريمة سبايكر وعار إحتلال ثلث العراق من قبل داعش و ستُدرس بالمدارس أجيال بعد أجيال.
وفي نهاية حديثه قال "حسابياً ومعنوياً العراق إنتهى ولن تقوم له قائمة وهو بلد أصبح مُفلس لا يمتلك حاضر ولا مستقبل, وعام 2016 ستضرب المجاعة 60% من العراقيين وتستمر تصاعديا وسيتم إلغاء رواتب المتقاعدين وتسريح نصف الموظفين مطلع عام 2016 وهذا لاتتحمله الحكومة الحالية بل تراكمات ورثتها من حكومتي المالكي التي سلمت العراقي منكوب منهوب مُحتل غارق بالفساد الإداري خاوي من الأموال والإحتياط ان افلات السوداني - المحكوم على خلفية فساد اداري ومالي مريع - يفتح امام القضاء، والإدعاء العام، وقوى المجتمع المدني، ملفا جديدا يتعلق بالجهات التي تقف خلف هروب وزير وقيادي سياسي نافذ من العقاب تسترا على رؤوس كبيرة، وإخفاء لملامح جريمة منظمة ترتبط بقوت العراقيين، وصحتهم، وحياتهم.
لقد ترافقت قضية السوداني مع ضغط سياسي واضح على لجنة النزاهة النيابية، وهيئة النزاهة، والجهات التحقيقية، والهيئات القضائية، لم تقف عند حدود عرقلة اعمال هذه الفعاليات ومحاولة ابتزازها، بل طالت بعض رموزها وصولا الى محاولات كسر استقلالية هذه الهيئات. .
.الجهة الرقابية المخولة بمحاربة الفساد باسم الشعب هي لجنة النزاهة البرلمانية التي تتحدث كثيرا عن كشفها المزيد من ملفات الفساد، لكن الناشطين في المجال المدني ممن كان لهم دور كبير في التهيئة للمظاهرات يرون أن «النتيجة حتى الآن لم تسفر عن محاسبة أي من حيتان الفساد
مقالات اخرى للكاتب