تصريحات المسؤولين المتفائلين جدا بتحقيق الحكومة الالكترونية ، تشير الى امكانية الانجاز في اقرب وقت ممكن ، لكي يتخلص العراقيون من اعباء مراجعة الدوائر الرسمية ، ورمي سبع حجارات وراء الروتين ، والانتقال الى عصر تكنولوجي ينسجم مع العراق الجديد ، ما يقال عن" الحوكمة " قد يكون مجرد حبر على ورق ، او ياتي في اطار البرامج الرسمية والوعود الموضوعة على لوائح الانتظار لتاخذ طريقها للتطبيق ، ولكن في كل الاحوال وبحسب التصريحات المعلنة ، يوجد توجه جاد نحو "الحوكمة" سواء تحققت في المرحلة الحالية او عند ظهور مذنب هالي .
تطبيق "الحوكمة" على الصعيد الشعبي ، سبق التوجه الرسمي في هذا الشأن ، فبعد تعرض مجالس العزاء في العاصمة بغداد، ومحافظات اخرى الى اعتداءات نفذها انتحاريون ، وراح ضحيتها عشرات الابرياء ، جعلت القائمين على العزاء، يبحثون عن وسائل من شأنها حفظ امن المعزين ، بالتنسيق مع الاجهزة الامنية المتمركزة في مناطقهم واحيائهم ، لتفادي احتمال حصول كارثة ، ولاسيما ان اصحاب محال تأجير الجوادر ومستلزمات اقامة مجالس الفاتحة ، فرضوا على طالبي خدماتهم التوقيع على "وثيقة شرف " تقضي بدفع مبالغ مالية لقاء الاضرار التي تلحق بحاجياتهم ، تاخذ مقدما وبمبلغ لايقل عن ثلاثة ملايين دينار من اصحاب العزاء المنكوبين .
قبل ايام اقيم مجلس عزاء في حي الجهاد بجانب الكرخ ، فدخل ابناء عودة الزيداوي طارق وهادي وفارس وعصام في حالة انذار قصوى اثناء اقامة مجلس عزاء لوالدتهم رحمها الله ، عاشوا ثلاثة ايام عصيبة ، لتامين حماية الجادر والمعزين ، حتى انهم ، كلفوا ابناء الجيران بوضع نقاط حراسة في الشوارع المؤدية الى الجادر، ومنع اي شخص غريب من الدخول الا بعد التحقق من هويته ، حالة اصحاب العزاء نقلها احد الصحفيين ، وجعلها قصة نشرت في احدى الصحف العربية ، ليسلط الضوء على رعب من نوع جديد استفحل مؤخرا باستهداف مجالس العزاء .
تضمنت قصة الصحفي مقترحا طرحه احد المتحدثين باعتماد " الحوكمة في الفواتح " باستخدام بصمة العين في التعرف على هويات المعزين ، وتوزيع الدروع للحاضرين ، بعد مناشدة الجهات الامنية في توفير اعداد كبيرة منها ، وتحديد وقت لتقديم التعازي ، والزام المعزين بالخضوع للتفتيش الدقيق قبل الدخول الى الجادر .
مجلس محافظة ديالى اصدر مؤخرا قرارا ، يقضي بمنع استخدام الجوادر في مجالس الفاتحة ، ودعا الى اقامتها في المساجد والقاعات ، مع فرض اجراءات امنية مشددة لحمايتها من الاعتداءات المحتملة ، ومثل هذا القرار يتطلب استجابة شعبية والتخلي عن العادات السائدة ، كخطوة اولى لتطبيق مقترح " حوكمة الفواتح " ووضع نهاية لمسلسل الاستهداف واعادة النظر في الطابع العشائري في اقامة مجالس العزاء ، الذي مازال سائدا في المدن العراقية وحتى في العاصمة بغداد ، ومن يخالفه سيتعرض لانتقادات المقربين والمعارف ، في تثبيت سنينة "حوكمة الفواتح " .
مقالات اخرى للكاتب