إستغراقي في القطاع المالي من الصحافة الفئوية، لا يعني إهمال القطاعات المجاورة، لكنه الأثرى غزارة تحت مجهر المحترفين من زملائي، وهو عماد وجود الدولة؛ إذ تصب القطاعات كافة فيه.. إن إزدهر إزدهرت الدولة وإن جف فجفت معه!
تلزم مبادئ الشفافية الحكومات بـ "إتاحة المعلومات" للإعلاميين؛ الذين ينقلونها.. بدورهم.. للرأي العام، تحقيقا للنزاهة، في الأداء أمام الشعب.
وبهذا تعد "الإتاحة" مجسا أصيلا ومعيار لقياس دقة تحدد عناصر الدولة، بسياقات الدستور، وهي في الوقت ذاته "تورج" يكشف مصداقية الإعلام، في التعاطي مع المعلومات، وإجادة الإفادة منها، ونمط تلك الإفادة، وحياديتها.. من دون إنزياحات غير مهنية، لصالح فئات داخل او خارج الحكومة.. أية حكومة، في أي مكان وزمان، لا على التعيين.
تلك العلة يانفسي
علة العلل، الإقتصاد، فالفساد في أرقى دول العالم مالي أكثر منه إداري او سياسي او أخلاقي، وإن كانت كل أنواع الفساد بالنتيجة لا أخلاقية!
لكن ضمن ميداني.. الإعلام، أجد الحاجة الى إتاحة المعلومات المالية أمامنا، يساعد الحكومات على كشف نزاهة أفرادها، إن لم يكن تحت الأكمة ما تحتها!؟
إن نجت التشكيلة الوزارية من ملابسات التقاذف بالتهم المالية، بينها ومناوئيها.. سواء من حيث الإختلاس أم سوء الإدارة، أمام العامة؛ فإن ميادين القطاعات الوزارية الأخرى كافة، تخضع لشؤون بروتكولية، الأصابة فيها والإخفاق، تكافأ وتعاقب إداريا، أما في حالات المال العام فالعقاب جنائي الملامح.. سجن كما القتلة للموظف المختلس.
وتلك البيانات ملزم بتأمينها للإعلام، كل من وزارة المالية والبنك المركزي وهيئات الرقابة والنزاهة والمحاكم المختصة، في أية دولة، ليتمكن الإعلام الفئوي.. المعني بشؤون الإقتصاد، من تقييم إقتصادات البلدان، مما يعني أن هناك معلومات متاحة من قبل الحكومات تساعد الصحفيين في نشر موادهم على المتلقي.. ورقيا وتلفزيونيا وألكترونيا وإذاعيا.
فتقارير البيانات المتاحة، توفر موقفاً موثقاً من الحقائق، بمسؤولية مهنية خالصة من قبل وسائل التواصل المعرفي، وبمسؤولية قانونية، من قبل البنوك وإدارات الدولة، يمكن الإستناد عليها في بلورة الرأي العام لصالح الحكومة، او تأليبه ضد إنفلاتها! على حد سواء.
لذا يجب على مرافق الدولة كافة، بل والجمعيات والنقابات، نشر الأرقام على مواقعها في الإنترنت، بتوقيت غير بعيد عن موعد الحدث، ليتمكن الصحفي الإقتصادي من الإسهام في تحقيق العدالة.. سلبا او إيجابا.
من جانبه.. تتوفر لدى كل صحفي قاعدة بيانات خاصة به حول كل قطاع يدخل ضمن منظومة إشتغاله، تمكّنه من أداء عمله باحترافية دقيقة.
يتعزز ذلك بنشرة شهرية من وزارة المالية، عن ديون وإيرادات الحكومة وقنوات إنفاقها، ومثلها من وزارة التخطيط، تدعم منافذ وزارة المالية، بالدرجة الأولى، في تبرير الإنفاق، وتتابع مشاريع الوزارات الأخرى، وخاصة الوزارات الريعة.. لدينا في العراق النفط والوقفين.. الشيعي والسني، جهتان مدرتان للأرباح، أما باقي الوزارات فعيال تقتات على واردات النفط! والوقفان خارج سلطة الحكومة!
وهذا بالتالي يصب في بيانات البنك المركزي التي أتمنى الا تتحرج الحكومة، من إطلاع الإعلام عليها، بآليات عمله المفتوحة على الشعب بداهة؛ فكل ما يتلاقفه يعيد تصنيعه في أخبار ومتابعات وتقارير وتحقيقات، معززة بالمقابلات واللقاءات؛ لتعرف المواطن بالواقع ومستقبله.
أقانيم الدولة
إستغراقي في القطاع المالي من الصحافة الفئوية، لا يعني إهمال القطاعات المجاورة، لكنه الأثرى غزارة تحت مجهر المحترفين من زملائي، وهو عماد وجود الدولة؛ إذ تصب القطاعات كافة فيه.. إن إزدهر إزدهرت الدولة وإن جف فجفت معه!
ما يعني حجب المعلومة عن الصحفي، يخلق تداعيات، تضر الحكومة اولا، ويقطع صلتها بالشعب، لأن الإعلام سبيلها الأمثل، في فتح حوار واضح مع المجتمع، إن قطعته، إنقطعت الصلة بين مقومات الدولة، التي تتشكل من الحكومة والشعب والأرض.
والأرض وحدها غير كافية لقيام دولة، وإلا لإعتبرت الكواكب التي لا حياة فيها.. دولا! لذا على الحكومات أن تديم نبض التواصل بينها وشعبها، من دون جفوة مقصود منها التستر على المفسدين.
ولنا حلقات مقبلة، عن القطاعات الأخرى، في الإعلام الفئوي، ضمن إفتراض مهني، يسهم في تصويب الأداء الحكومي: "ما هكذا تورد ياسعد الإبل" إنما "أوردها سعد وسعد غافل" فوزارات الدولة العراقية ومفاصلها، تحجز مواقع على الأنترنيت، تنشر أخبار الكوكب المهجور أعلاه.. الذي لا حياة ولا ماء ولا عشب ولا كلأ او قرى فيه، معظمها عن أخبار شخصية للوزير، منذ سنوات مضت.
إذن.. كما أسلفنا: "تحت الأكمة ما تحتها" يوجب تشتيت الإعلام عن حقيقة ما يجري، وهي حقيقة مرة، إنهار تحت وطأتها البلد، وجهنم فاغرة فاها: "هل من مزيد؟".
مواقع الوزارات لا تغذى بالمعلومات، والصحفي إذا تابع تحقيقا بشأن ما، لا يلقى ترحابا، حد مطاردته بين طوابق وغرف الوزارة، وتعطيل المصعد به، مانعين الصيانة عن تشغيله، ريثما ينتهي الدولم، وربما يبيتونه فيه!
فهل هكذا تورد في العراق الإبل فعلا!؟ ام ان وزاراتنا لاتغذي مواقعها بالمستجدات ولا تهيء تقريرا معلوماتية تمكن من صياغة أحترافية يقوم بها محرر تلفزيوني او صحفي.. إسبوعيا.
إنها لا تتيح المعلومة الشفاهية، من فم المسؤول للمحرر المحلي مثلما تبذخ كرما بالمعلومات على الأجنبي؛ حتى بات المواطن.. حال سماعه إنفجارا، يبحث عن فضائيات غير عراقية؛ لأنها وحدها تدخل قلب الحدث، اما العراقيات فيضرب الجنود ملاكاتها، وحصل هذا معنا ومع فضائيات محلية عدة.
مقالات اخرى للكاتب