لاشك ان التاريخ والجغرافيا العراقية على مر العصور ظلا ملازمين لصرح الهي طبيعي وجده الإنسان العراقي على أرضه وقدم له كل عناصر الدعم ذلك عندما وجد ان الترابط بينه وبين هذا الصرح العملاق ترابطا مصيريا متلازما ووجد الإنسان العراقي ضالته الأولى عند هذا الصرح ومر الإنسان وهذا الصرح بأفراح وأتراح الوطن فعند النكبات يمر الاثنان بنفس الحزن والأسى لتلك النكبة وعند الأفراح يفرحا معا (انها النخلة العراقية الشماء التي وجدت على رسوم الإنسان العراقي القديم في أكثر من موقع وفي أكثر من حفرية من حفريات التنقيب عن التاريخ المضيء للإنسان والوطن العراقي.
حتى بات يعرف العراق بأنه بلد النخيل والنخلة وجدت شعارا له مثله مثل باقي دول العالم التي وضعت منتجاتها القومية والتي تتميز بها شعارا لها على مسكوكاتها وعلى وثائقها الرسمية وطوابعها.
ان الاجواء العراقية ونوعية التربة العراقية من أهم العناصر التي أدت الى نجاح وبقاء هذا النوع من الاشجار وتفوقها من حيث النوعية ومقاومتها للظروف الجوية على باقي دول العالم والتي يوجد فيها النخيل ولكن ليس بمستوى النوع والكم للنخيل في العراق.
وتميز بلد النهرين بعدد نخيله الذي يفوق رقميا على كل دول العالم المجاورة ولوقت قريب ووصل عدد نخيل العراق أكثر من (25)مليون نخلة ذات أنواع وأصناف متميزة حتى يصل عدد هذه الأصناف الى العشرات وهي ذات أنواع جيدة بمكوناتها الغذائية ودخولها في الكثير من المجالات الصناعية .
ولعل النخلة العراقية وتمورها المتميزة تعد أهم انواع الفواكه من حيث نوع العطاء وجودته ووصل أنتاج العراق من التمور الى نحو (500)الف طن سنويا .
وأهم ميزات النخلة العراقية عطاؤها الوفير مقابل خدمة متواضعة من الفلاح وهي كذلك كحاضن او غطاء لبعض بساتين الفواكه والتي تزرع تحت ظلال بساتين النخيل لحماية تلك الأشجار من الرياح الباردة او ارتفاع درجات الحرارة كما هو الحال لأشجار الحمضيات والفواكه الأخرى كأشجار العنب والتين والمشمش للنخلة العراقية ومنذ زمن بعيد فائدة كبيرة فهي عبارة عن كتلة من العطاء من سعفها الى جذرها ..والنخلة في حياة الإنسان البسيط صديق وفي ودائم له في كل ظروفه حيث تعطيه الغذاء والسكن والظل والعيش ببيع ما تجود له هذه النخلة بأشياء يحتاجها في حياته اليومية البسيطة..
والنخلة شجرة مباركة جاء اسمها في القران الكريم عندما خاطب الباري مريم
( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا) صدق الله العلي العظيم
وقال رسول الله فيها (ما جاع بيت فيه نخلة) صدق رسول الله
بالإضافة الى ما تحدثنا عنه فهي تدخل وبجدارة في الصناعات الشعبية للعائلة العراقية ومنذ مئات السنين من سلال ومفارش وأسرة وأوان ووقود للطبخ..وتعد اليوم من أهم وأرقى الأشجار العراقية وهي ايضا ذات خاصية في منع التصحر بسبب تشابك جذورها وامتداد تلك الجذور الى أعماق بعيدة في الأرض تصل أحيانا الى عشرات الأمتار للنخلة الواحدة وهي ممتدة في مساحات تساعد على تماسك التربة وتحافظ هذه الجذور على رطوبة التربة في تلك الأعماق كون الجذور تمتص المياه والعناصر الغذائية من أعماق الأرض والنخلة الشجرة الوحيدة بين الأشجار التي تأخذ غذائها من التربة فقط وليس لها أوراق تصنع الغذاء كما هو معروف بطريقة التركيب الضوئي ..
وطريقة التكاثر لهذه النخلة بســيطة جدا فالنخلة بمجرد ان ترتفع عن سطح الأرض وبعد مرور اقل من عام واحد تخرج مع الشجرة الام فسائل تحيط بالأم وتتجاوز الاثنتي عشر فسيلة والتي يمكن غرسها وزراعتها لتعطي نفس صنف إلام من الثمر وهي ميزة قلما تجدها في شجرة
مقالات اخرى للكاتب