طالما سمعنا كثيراً بهذا النداء منذ نعومة اضفارنا , وتردد على مسامعنا مراراً وتكراراً عسى ان يترسخ في اذهاننا, ليكون الحجر الاساس في بناء المدينة الفاضلة التي نحلم بها, ما حصل بالفعل هو ان الشعار ترسخ كشعار ظاهري دون المساس بالمعنى الحقيقة للفكرة او التوغل عميقا الى مضمون الشعار الجوهري .
لعل المقال يحمل شيئا من التشاؤم لكن على ما اظن ليس تشاؤماً بقدر ما هو اعتراف بالتقصير , والاعتراف بالذنب فضيلة كما يقال , سبب هذا التقصير يكمن في حقيقة ان ما تلقيناه منذ النشئة يحمل مفاهيم خاطئة كونها تربية تلقين اكثر مما هي تربية تثقيف وتعليم ,
لكننا اعتدنا على هذه المفاهيم وحينما كشفت الحياة اخطائنا اخذنا نلتمس شتى الاعذار لنبرر فشلنا تحت غطاء ديني او اجتماعي او سياسي كي لا نعترف اننا على خطأ, ثم نلقي باللوم كاملاً على الجهة المسؤولة الحاكمة , نعم الجهة الحاكمة جزء من الفشل لكن بالمقابل نحن ايضا جزء من الفشل , فلا ينبغي ان نتخذ دور المحاسِب كأننا منزهين من الخطأ وننسى ان نحاسب انفسنا اولاَ , هذا لا ينفي كون ان الجهة الحاكمة مقصرة اشد تقصير وقد تبين ذلك جلياً حينما حلت السماء بغضبها على الارض وكشفت مهزلة جديدة للحكومة وزيف الدستور الذي فرض علينا قصراً.
مما يشكل خطورة حالاً هو ان عدة اجيال نشأت ولا زالت تنشأ على سياسة تربوية واحدة وهي عدم الشعور بالمسؤولية, طالما ان الشارع او المستشفى او اي مكان عام ليس ملكاً لاحد فهو غير محترم ومنتهك بسبب مفهومنا الخاطئ للديمقراطية , كما يعتقد البعض أن لأي فرد حرية التصرف في الملك العام فقط كونه يعيش في بلد ديمقراطي يكفل له حرية التصرف وإن كلّف ذلك التعدي على حقوق العامة . لذا اذا اردنا تخطي هذه العقبات علينا جميعا ان نفهم الديمقراطية الموكلة الينا كما هي ونعي ما علينا من مسؤوليات تجاه بلدنا.