استجد نمط من الخيانات، بعد الصناعة، وانتشارها، في القرن السابع عشر، الا ان العرب، سبقوا التاريخ بالدناءات، وخير مثال على ذلك هو ما حدث لشخصية المعتمد بن عباد.. آخر ملوك اشبيلية.
من خلال ما جره العرب، على هذا الملك، أثبتوا وضاعتهم من خلاله، قبل ان تكتشف البشرية، الاسلوب الحديث من النذالات.. وقبل ان تعرف الامم ما هو المعنى القاموسي للنذالة، في علم الاجتماع.
استحدثت الصناعة، نوعا من تسويق الغدر، وفرضت سياقا للخيانة، طوعت الناس على تقبله، فصار قاعدة، والوفء استثناء، في مضاربات المال.
أشكال من اداءات متنوعة الغدر، تحكمها آليات الربح والخسارة، والانانية ونكران الذات، والايثار والاستحواذ، مع انها ثنائيات، قائمة منذ وجد الانسان على الارض، لكنها كرست اكثر، بعد ان قننت رؤوس الاموال، التي كانت مشاعة.
بن عباد.. حفيد المناذرة، طلب مساعدة من دولة الموحدين في المغرب، خلال حربه ضد ملك قشتالة الاسباني، وفعلا اعانوه، وانتصروا له، ثم (دكوا الناقصة).
في معركة (الزلاقة) انتصر جيش المعتمد بن عباد.. جيش اشبيلية، بمؤازرة قوات الموحدين، على ملك قشتالة، لكن... بعد ان هدأت ثورة بركان التحام الجيوش، خدع الموحدون حليفهم.. قتلوا ولده واسروه، نفيا الى الصحراء، مع زوجته وابنتيه، لينخرط في حياة بائسة.
ظل منفيا، في عمق صحراء (آغامات) يسكن دارا تعيسة البناء شحيحة المستلزمات، منتقلا، من ملك الى مشرد، والاغلال تقيده، تحت الاقامة الجبرية حتى مات ممنوعا من الحياة.
الخيانة معروفة، منذ هابيل وقابيل، والغدر سنة الوجود، حين ورطت الافعى آدم وحواء باكل التفاحة المحرمة، لكن الهبوط بالخيانة، من رفعة الملوك المتحاربين وفق قواعد اخلاق الفرسان، الى دناءة السوقة وهم يسطون على عشاء رفيقهم، يشبعون ويجوعونه.
نزل الملوك الى ضعة الشطار والعيارين، ولم يرتقوا الى فروسية عروة بن الورد.. امير الصعاليك، الذي يتقاضون الاتاوات من الموسرين ليوزعوها على الفقراء.
الوضاعة لعبة مدينية، ربما يجهلها الريفيون، قبل ان يتمدنوا؛ لذا فالعرب، قبل ان تدول الممالك بين يديهم، ما كانوا ليحطوا من قدر ملك الى متشرد.. يقتلون ولده ويسبونه منفيا في عمق الصحراء.
"ان الانسان لفي خسر".
هذا ما لا نتمنى ان يصل اليه (أولي الامر منا) ولو افتراضنا كابوس الطاغية المقبور صدام حسين، منا، وقد اعدمته بيدي؛ فقد سبق ان وصل الى ازرى من حال المعتمد بن عباد، والحبل على الغارب؛ فاتعظوا يا من... أمامكم الفرصة للانسحاب من خلطة الغدر الى نقاوة الوفاء.