هي تلك المصابيح التي تبقى متوهجة حتى مطلع الشمس واشراقة النهار .. وهي ظاهرة بدت طبيعية لدى وزارة الكهرباء العتيدة.. وهي جزء من الاهمال وتبديد الطاقة.
لست انا وحدي بل الاف الناس يرون تلك المصابيح عند ذهابهم الى الدوام في الصباح الباكر وربما لديهم الملاحظة نفسها .. فتلك المصابيح المعلقة فوق اعمدة يرتفع الضوء فيها لينير الشوارع ليلاً ويضيف اليها بهجة ورونقاً كاسراً حواجز الظلام والتخلف .. فالشوارع الظلماء رمز واضح للتخلف سواء كان ذلك التخلف اقتصاديا ام اداريا ام في الخدمات .
الا ان تلك المصابيح تصبح محط استغراب واستهجان عندما تغفل عنها الاجهزة المعنية فتتركها تتوهج رغم عدم الفائدة من توهجها صباحا هي حالة من حالات تبديد الطاقة .. وبعملية حسابية بسيطة نستطيع ان نجمل الطاقة الضائعة نتيجة ترك “مصابيح الصباح” مضاءة ، فعادة ان قدرة المصباح الواحد المستخدم في انارة الشوارع تبلغ ( 500 واط ) واذا افترضنا ان مليون مصباح فقط من تلك المصابيح ترك مضاءة طوال ساعتين (6-8) صباحا فان مجموع الطاقة المهدورة تبلغ (500) مليون واط في الساعة اي (500 ) الف كيلو واط ، ويتضاعف الكم خلال الساعتين ليصبح مليون واط ، وهو ما يكفي لتشغيل مصنع او تجهيز مجموعة من الدوائر الحكومية بالطاقة الكهربائية لتقديم الخدمات الى المواطنين.
وزارة الكهرباء والتي تدعونا من خلال وسائل الاعلام المختلفة الى الترشيد في استهلاك الطاقة .. لا تفعل هي ذلك .. بل تقوم بتبديد الطاقة من خلال الاهمال وكذلك ، بعدم ابتكار وسائل جديدة لنقل الطاقة بدل تبديدها عن طريق نقلها بالأسلاك لمسافات طويلة ، الحقيقة نحن نعيش في هذه الفترة ربيعنا الكهربائي فتجهيز الطاقة في بغداد والمحافظات قارب الـ (20) ساعة يوميا.. واحيانا 24 ساعة وهذا الربيع لن يطول زمانه ، فسرعان ما يتلاشى عند عودة الوزارة الى عادتها القديمة شانها شان :حليمة ” سيئة الصيت.
ان الهدر بالطاقة الكهربائية ظاهرة سلبية في الحالات الاعتيادية التي تتوفر فيها وتزيد عن حاجة الاستهلاك ، فكيف ونحن بأمس الحاجة اليها في مجالات الحياة كافة.. فاذا كانت الاجواء الخريفية الطيبة التي نعيشها تجعلنا نستهلك طاقة اقل بفضل درجات الحرارة المعتدلة ، وعدم الحاجة الى تشغيل اجهزة التكييف فان هذه الفترة لن تطول حتى نعود الى سابق عهدنا لنشتكي من قلة التجهيز وكثرة الانقطاع .
نتمنى ان يصل صوتنا مخلصا الى وزارة الكهرباء التي لم تحقق بعد طموحنا ولا طموحها في استقرار التيار الكهربائي ، وان يعمل هذا الصوت على اطفاء مصابيح الشوارع صباحا حتى لا ننظر لها بحسرة ونتمنى ان يكون هذا التوهج والبريق ليلا حتى نتخلص من ظلام طالما شكونا منه.
ايها السادة الكهربائيون اطفئوا المصابيح صباحا واريحونا جزاكم الله خيرا واعملوا على صيانة محطات التوليد والتجهيز قبل ان تحل علينا ايام الشتاء “ولات ساعة مندم” عندما تزداد الحاجة الى الطاقة للتدفئة والتسخين .. من هنا لا بد لهذه الوزارة ان تثبت جدارتها ومصداقيتها ، لا أن تبحث عن الحجج والمبررات والمواطن يعاني اشد المعاناة .. وما التظاهرات التي خرجت في بغداد والمحافظات الا بسبب الكهرباء التي لم نشهد لها استقرارا منذ (25) عاما ، (13) عاما منها في عهد النظام البائد و(12) عاما في زمن الديمقراطية . الديمقراطية التي جلبت لنا كثيرا من البلاء ولم تجلب لنا الكهرباء ومتى نجحت الوزارة في مهامها واهدافها فان ذلك يعد مؤشرا مهما في تحقيق الديمقراطية لان الوزارة استجابت لمطالب الشعب.
مقالات اخرى للكاتب