تمهيد لابد منه
الشائع و المنتشر عن طوفان نوح انه كان طوفاناً عالمياً غمر الارض باكملها .. و ساهم في هذا الفهم مجموعة عوامل أولها تأثيرات التوراة المكتوبة و الإسرائيليات التي اثرت في قصص الأنبياء يضاف لها الفهم غير المعمق للدلالات القرانية و هناك عامل اخر و هو طبيعة تناقل الأجيال للقصة و ما نستطيع تسميته بالمبالغة الأسطورية التي هي صفة لازمة لتناقل القصة ( اي قصة كانت )من جيل لآخر .
بداية علينا ان نثبت مجموعة حقائق ننطلق منها لتناول الموضوع
الحقيقة الاولى )
ان من سنن الله في خلقه ( امتناع العقوبة قبل إلقاء الحجة )
( مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا )
( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ )
( ذَٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ )
إذاً هي سنة الهية و قانون رباني ينص على امتناع العقوبة قبل ابلاغ الحجة تامة فلا يكون من الله إهلاك لقوم دون وعي منهم لما فعلوا و دون إيصال للبينة يزيل غفلتهم
الحقيقة الثانية )
لا يمكن التمعن في قصة النبي نوح دون جمع لكل خيوط القصة كما ذكرت في القران و التدقيق في كل اية و في مفاصل هذه القصة جيدا
الحقيقة الثالثة )
ان طوفان نوح امر ذكرت قصته في الأساطير المكتوبة لبعض الشعوب و ان حدثا بهذه الأهمية من المفترض ان يكون هناك نوع من التوافق بين كل موروثات الشعوب التي مر على ارضها الطوفان كجزء من الذاكرة الشعبية لذا تجد السومريين و البابليين قد ذكروه بينما تجد ان المصريين مثلا لم يشيروا اليه بتاتا و هذا يوحي بشئ مهم
الحقيقة الرابعة )
ان وجود ملايين من الكائنات الحية و تنوعها على وجه الارض يفترض احد أمرين
اما ان نصدق القصة الإسرائيلية و نفترض ان نوح احتمل معه في الفلك كل هذه الكائنات الحية و عليه فيلزم ان تكون سفينة نوح بحجم مدينة صغيرة لتتسع لكل هذه الكائنات
او ان نهمل هذه الفكرة و نعتبرها مجرد أسطورة توراتية منسجمة مع عقل الناس في ذلك الزمان
في الأجزاء اللاحقة سنثبت من القران ان طوفان نوح كان طوفانا محدودا بمنطقة معينة فقط
مقالات اخرى للكاتب