ليسوا هم نازحين أومن طالبي الكي كارت لقبض الراتب التقاعدي أو من مستجدي الفيزا للسفر إلى خارج العراق ، كما إنهم ليسوا من المسافرين للحصول على تأشيرة الخروج والعودة من والى الدول ( الشقيقة ) ، وهم ليسوا أيضا ممن عادوا من الهجرة بعد إبعادهم قسرا من تركيا أو السويد أو غيرها من البلدان ، وإذا تسألني أكثر فهم ليسوا ممن يقفون بطوابير طويلة بدوائر الدولة لانجاز معاملة الحصول على جواز السفر أو هوية الأحوال المدنية أو شهادة الجنسية العراقية ، وهم أيضا لم يطلبوا شمولهم بالعفو الخاص أو من شروط الإفراج الشرطي ، بل أنهم عراقيون بمعنى الكلمة ومواطنون صالحون ويدفعون الضريبة وقيمة قوائم الماء والكهرباء وربما الخمس والزكاة واغلبهم يؤدون فرائض الله في الصوم والصلاة ويحترمون معظم القوانين الوضعية وليست لدهم مخالفات أو قيود جنائية أو ملفات تدينهم بأي موضوع ، ولكنهم أموالهم تعرضت للمجهول من قبل جهة معترف بها داخل العراق ، وباتوا يتعرضون للضائقة المالية وربما إلى ما يشبه الإذلال لإعادة جزءا من أموالهم التي باتت شبه مغتصبة بعد أن استحوذ عليها مصرف معروف ، وهذا المصرف يتصرف كيفما يشاء ويتمتع بحصانات كبيرة تجعله يفرض شروط الإذعان على الآخرين ، انه مصرف الوركاء الأهلي الذي يمارس ألاعيبه ووعوده على مودعيه الذين امضوا سبعة سنوات في الانتظار ولم يتم إسماعهم كلمة طيبة أو وعودا بالأمل أو تفسيرا لما يجري ، علما إن لكل منهم إيداعات بمبالغ تصل إلى ملايين أو عشرات أو مئات الملايين من الدنانير أو الآلاف من الدولارات والكثير منهم لم يستلموا فلسا من تلك الإيداعات وبعضهم تحول من غني أو ميسور الحال إلى فقير وتطارده الدعاوى القضائية لتسديد ما عليهم من التزامات رغم إن أموالهم مودعة في مصرف الوركاء الذي توقفت نشاطاته بشكل كامل منذ عام 2010 .
ولكي يكون الجمهور والمسئولين على اطلاع كامل بالموضوع ، فان مصرف الوركاء كان من المصارف المعتبرة إذ يعد واحدا من اكبر المصارف الأهلية التي تأسست في العراق وله عشرات الفروع في بغداد والمحافظات ، وهو من المصارف التي كانت تتمتع بسمعة طيبة ومحط ثقة العراقيين لذلك فان عدد المتعاملين معه كبيرا جدا والجميع كان يتوقع لهذا المصرف نموا اكبر وانتشارا أوسع يحقق المنافع للاقتصاد الوطني ، لذلك استودعوه أموالهم في الحسابات الجارية والتوفير والودائع الثابتة بالدينار العراقي والدولار الأمريكي ، وبين ليلة وضحاها تغير الحال إذ صدرت تعليمات للمصارف الحكومية بعدم التعامل مع الوركاء لأنه خالف بعض تعليمات البنك المركزي العراقي بخصوص الشفافية في التعامل مع الآخرين ولجوئه للدخول في أعمال تنطوي على نوع من المخاطرات المالية ، وكما يقال انه لم يستجب لتقديم البيانات والمعلومات عن تعاملاته فيما يخص الإقراض بالتقسيط وفتح الاعتمادات وغيرها من التعاملات ، والبعض يقول انه دخل في أعمال لا تتناسب مع تفاصيل العمليات المصرفية والبعض منها تحتاج إلى بعض التوضيحات للكشف عن تفاصيلها للجهات التي تعنيها مثل هذه الأمور ، والاهم من كل هذا وذاك فان الوركاء تعرض إلى بعض الإجراءات القسرية التي حددت من قدراته المالية ، مما جعله عاجزا عن الإيفاء بجميع التزاماته وخصوصا ما يتعلق بالسحب من قبل المودعين ، وبضوء العسرة المالية فقد كان يأمل المشاركة مع احد المصارف البريطانية ولكن محاولاته لم تفلح لان المصارف العالمية خرجت من أزمات مالية بعد 2009 مما يتطلب العقلانية في القرارات ، وبدلا من قيام الوركاء بطمأنة جمهوره فقد اتخذ إجراءات خاطئة منها إلغاء أو تجميد الفروع في بغداد والمحافظات ، وإيكال مهمة إدارة المصرف إلى الفرع الرئيسي في ساحة ألخلاني وهي بناية مؤجرة و يتواجد فيها عددا من الموظفين من جماعة ماأدري والوعود الوردية تهربا من غضب المودعين .
ولان الوركاء له ظهر ( يحميه ) كما يردده البعض واغلب المودعين ليس لهم من يدافع عن حقوقهم رغم كونهم المتضررين الحقيقيين ، فقد استطاعت إدارة الوركاء من عبور كل الإجراءات التي كان من المفروض اتخاذها حيث تم تعيين لجنة وصايا عليه وانتصرت على إجراءات الوصاية والتصفية ، وتم الحصول على قرارات من البنك المركزي العراقي تثير العديد من التساؤلات وعلامات التعجب والاستفهام ، حيث سمح له بإعادة مزاولة نشاطه ورفع جميع القيود عنه والسماح له بدخول ( مزاد ) البنك لشراء الدولار وهو ليس له مقر مناسب ، ولا نعلم كيف يسمح لمصرف معسر بمعنى الكلمة وعاجز عن ممارسة نشاطاته المصرفية بالعودة ، وقد غلق فروعه وبات الدخول إليه مثل الدخول إلى ثكنة عسكرية كما انه فقد سمعته وثقة الجمهور فيه ، كما إن الحكومة من حقها إن تسأل كيف يدخل مصرف مشلول بدون إدارة وتعاملات بمزاد العملة ، وهو يتعامل بمبلغ 5 ملايين دولار يوميا كمعدل في مجالي الاعتماد والحوالات وإذا كان هناك من يتعامل معها فكيف يتم ذلك وهو معطل بالكامل حيث إن ابسط العمليات المصرفية لا تتم فيه ؟ أما المودعين فهم يواجهون أعلى درجات التسويف والمماطلة إذ يطلب منهم تقديم طلبات تحريرية لسحب جزءا من إيداعاتهم ويقولون لهم سنتصل بكم هاتفيا لكي نعلمكم بموعد الاستلام ، ولكن هذا الكلام غير صحيح مما يضطر أبناء محافظاتنا العزيزة للقدوم إلى بغداد وتقديم طلبات وبعد مرور أكثر من شهر يتم تحديد موعد للدفع فيتجمع المئات وسط الفوضى وعدم الاحترام والفساد ، وفي يوم الدفع أيضا يتم تحديد 750 ألف دينار لكل مودع حتى وان كانت له إيداعات قيمتها مليار دينار ، وقد يقال له لقد تم تأجيلك إلى الوجبة القادمة في الشهر القادم لنفاذ النقد الموجود ، ويستطيع البعض أن يستلموا 5 ملايين دينار أو 5000 دولار في الوجبة دون أن يعرف الآخرون أسباب هذا التمييز ، وفي ضوء إجراءات دفع 750 ألف دينار لكل وجبة التي يستنكف البعض من المراجعة بخصوصها لا يعرف أحدا موعد وفاء الوركاء بالتزاماته بشكل كامل مادام يستخدم القطارة أسلوبا في الدفع .
ولان القضية تجري في وضح النهار وهي مخالفة لكل الأعراف القانونية والمالية ولا تتناسب مع قانون المصارف الأهلية سيء الصيت الذي وضعه المجرم بريمر عام 2004 ، فإننا ندعوا رئاسة مجلس الوزراء لممارسة دورها لمعالجة هذه التجاوزات بعد أن أبدى البنك المركزي العراقي المرونة الزائدة عن حدودها في التسامح مع الوركاء من خلال عدم وضع الأسبقية للدائنين ومنهم المودعين ، كما ندعوا رابطة المصارف الأهلية لإيجاد حلا للوركاء مادام يدافع عنه ، من خلال اندماجه مع المصارف الأخرى أو العمل على إقراضه أو الدعوة لتصفيته لضمان حقوق المودعين والمساهمين حتى وان أدى ذلك إلى قسمة الغرماء أو أية تسوية عادلة بهذا الخصوص ، كما إن الادعاء العام وهيئة النزاهة ومكتب المفتش العام في المركزي العراقي مطالبين بممارسة أدوارهم بخصوص مراجعة وتدقيق قانونية الإجراءات المتخذة ، وبودنا إن نسأل إدارة الوركاء الغائبة عن التواجد في الداخل العراقي ، بالله عليكم لو كان شخصا مدينا لكم قد أخل بالتسديد طيلة 8 سنوات فهل تتصرفون معه بنفس برودة الأعصاب ؟ ، أما المركزي العراقي الذي سمح للوركاء بدخول مزاد العملة بالدولار فإننا ندعوه لإرسال موظف على ملاكه ليزور مقر مصرف الوركاء في ساحة ألخلاني ليقدم رأيا هل انه مصرف بالفعل أم انه أشبه بدائرة أمنية (أو بسطية ) يصعب الوصول والدخول إليها بارتياح ، ومن الناحية العملية فإذا استمر الوركاء بعدم تغيير طريقته في التعامل مع ( زبائنه ) فمن الصعوبة أن يعيد الثقة للجمهور ويعود لممارسة نشاطاته ولو بجزء مما كان عليه ، فقد كنا نتمنى ونتوقع إن يتحول إلى علامة مضيئة في العمل المصرفي الأهلي داخل العراق نتباهى به مع المصارف في دول المنطقة ، ونناشد كل مسؤول معني بان يقف إلى جانب المتضررين من الوركاء لإيجاد حلولا ل عاجلة لإعادة أموالهم ، فالوركاء لديه احتياطيات في المركزي العراقي كما انه يمتلك موجودات متنوعة بأكثر من قيمة الإيداعات ، واستمرار التعويل على المبالغ التي توزع شهريا أو كل شهرين والتي هي من أرباح مزاد العملة سيجعل الحلول مستحيلة في الأمد القريب ، والمالكين ( الكبار ) يحرصون على التسويف وتقبل الانتقاد لكي لا تنخفض قيمة الأسهم عند عودة المصرف إلى سوق الأوراق المالية وبشكل يضمن الحفاظ على ملكيتهم دون انخفاض .
مقالات اخرى للكاتب