يبدو أن القدر قد قضى على العراق وبشكل حتمي ، أن يعيش بين طرفي النقيض ، ولكن جاذبا ومجذوبا أحدهما نحو الأخر مكروها ، أي بين قتلة محترفين وسفاحين بارعين !! ، امتهنوا نهج القتل والغدر ، كهواية و حرفة على مر الزمان والعصور ، وأجادوها أيما إجادة تامة و كاملة ، كوسيلة وحيدة للاحتفاظ بالسلطة والحكم ، وما يأتي من وراء ذلك من امتيازات سلطوية وبحبوحة عيش ملكية وسطوة أسياد مهيمنة وجبارة طاغية اعتادت وتعودت على إصدار الأوامر و تنفيذها بلهجة آمرة و حاسمة و مهينة ، وبين ماسوشيين من أشباه عبيد و أنصاف مخصيين شجاعة وغيرة وعزة نفس أبية وضياعا وطنيا ، من ممتهني الحزن والنحيب واحتراف الكآبة كمتعة وحيدة وسعيدة عتيدة في الحياة !! ، قد اعتادوا على مواسم الموت وعواصف القتل كأضحية رخيصة و جاهزة دوما للنحر ، ولكنها لا مبالية و مستسلمة إلى حد تبدو عاجزة حتى عن تصيح : مععع ، مثلما تفعل الخراف أثناء الذبح والنحر ..
لهذا السبب أخذ السفاح العراقي السادي مؤخرا يفرط بالقتل و يوغل بسفح الدم بتفنن شاذ و عجيب و غريب حقا ، مشاهد دامية وشنيعة ومقرفة تتقيأ منها حتى الوحوش :
( كمشاهد تفجير أجساد تلميذات و تلاميذ في مدارس ابتدائية وتركها متفحمة أو تمزيقها أربا أربا ، أو تفخيخ جثث مقطوعة الرأس و تفجيرها مجددا في وجوه العُزل من عاملي الخير ) ..
والماسوشي العراقي وهو ساكت و صامت و صابر ومتحمل ، كأنه منتشي بمتعته الوحيدة الآنفة الذكر و مستسلم للذبح و لا يقول : آخ ، بينما نصل السكين يتعمق متوغلا في رقبته الهشة والنحيفة ..
كأن ثمة صوتا راثيا أو عاتبا متأسيا يهمس مدهوشا مذهولا :
ـــ يا ألهي ! .. فما هي هذه المخلوقات الشاذة الآتية من كل فج عميق و التي ابتلي بها العراق كلعنة أبدية ؟!..
فهذا هو العراق المسكين والمتورط العنين ، والذي يتكون منه هؤلاء وأولئك على حد سواء أي : ساديون وماسوشيون ، وبهذه الكثرة و الوفرة في بلد واحد ، لم يعد لا واحدا و لا موحدا في زمن القتلة المتوحدين وحدهم فقط ..
مقالات اخرى للكاتب