أممٌ ... سنمتعهم
قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ۚ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ
هذه الاية تختصر مشهد الارض ساعة انتهاء الطوفان بدقة عالية و بلاغة
انها امر بالهبوط بسلام لنوح
انها تحتوي على دعاء بالبركات عليه و على امّم ممن معه ... اي ان البركات ستحل على اجيال قادمة من نسل من كان معه على ذلك الفلك ... طبعا ليس كل من كان معه او كل نسلهم بل بعضهم
ما هو المهم ؟.... انه الشق الثالث
و امم ... سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب اليم
من هؤلاء ؟
الذين ذكروا بعد حرف الواو الاستئنافية
انهم اقوام اخرون ... اقوام لم يشملوا بالطوفان و قبله التبليغ
اقوام سيتمتعون بحياتهم بعيدا عن حيّز الطوفان المكاني و الزماني .
لماذا قال ( ثم يمسهم منا عذاب اليم ) ؟!!
في هذه الاية دلالات عظيمة
اولا : انها تدل على ان هؤلاء لم يحن وقت عذابهم بعد
و بالتالي فإنها تحوي ضمنا إشارة ثانية على نجاتهم من الطوفان ... و الا ما الداعي لذكر تمتعهم و عذابهم بعد ذاك في نفس اية هبوط نوح
ثانيا : انها تنطبق مع ما ذكرناه من قاعدة قرآنية عن عدم جواز العذاب لقوم لم يصلهم التبليغ و لم تنجز عليهم الحجة و بالأحرى لم يتم حضور الحجة بين ظهرانيهم زمانا و مكانا و إبلاغا
فهم ( اي هذه الامم الاخرى ) سيستمر تمتعهم الى حين اخر تبلغهم فيه الحجة و ينالهم تباعا لذلك العذاب او الثواب و البركات
إذاً الطوفان شمل اقوام محددة و بالتحديد قوم نوح الذين شملتهم دعوته فقط لا غير
هل هناك من القران ما يؤيد ذلك
نعم
فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64) سورة الاعراف
فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) سورة يونس
وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) سورة الفرقان
هذه الآيات و غيرها أخريات تشير الى اغراق المكذبين فقط
( أغرقنا الذين كذبوا بآياتنا )
و هذا الشق ( فانظر كيف كان عاقبة المنذرين )
ما الطفه و ادقه في التعبير
عاقبة المنذرين ....!!
العذاب يشترط لنزوله وجود الانذار و وصوله و التكذيب فيه
و عليه فكل من لم يشمله الانذار وجب ان لا يشمله العذاب لان العاقبة عاقبة المنذرين فقط لا غير
هذه الاية موضوع البحث و ما ذكرناه من آيات
تثبت ترهات الإسرائيليات و فهمها المنحرف الذي قتل علمية و منطقية القصة و حولها من تاريخ واقعي الى حكاية من حكايات كليلة و دمنة او الف ليلة و ليلة .
و لنا جزء ثالث نتحدث عن بقية إشكالات قصة نوح و نثبت فيها محدودية مكان الطوفان و اين كان فعلا
مقالات اخرى للكاتب