أينما تجولت بين ثنايا الفيسبوك وجدت الأصبع العراقي ( البنفسجي ) يمده الفرد العراقي الى الشمس عالياً علّه يُقلل من حريقها لكنها ورغم كل الأيدي والأصابع الممتدة لا زالت تحرق جلود العراقيين .
لم يفت الكثير من الواقعيين بأنه رغم مناداة الجميع بالديمقراطية لا تزال هذه الكلمة نبته لا جذور لها فينا , فنحن قد تربينا على عدم المساواة , وعدم المساواة في كل شيء وفي كل من . فالدستور العراقي القديم والجديد يقول لا فرق بين القوميات والأديان ولا فرق بين أبناء وبنات الشعب العراقي , ولا فرق بين الأغنياء والفقراء , لكن الحقيقة أن هناك فرق وفرق وفرق .
فلقد تربينا على أن يكون الذكر ذكر والأنثى أُنثى , وتربينا على النكات البذيئة حول القوميات الأخرى , وعلى تحاشي أهل الكتب السماوية الأخرى , وربما لم يكن العُنف المرئي موجوداً من قبل , لكن شدة غليان المشاكل الإجتماعية والإقتصادية إنعكس عصبياً على فروة رأس الفرد العراقي المظلوم حتمياً وأزلياً , فهو يسكن الصرائف وتحت قدميه معظم إحتاطي العالم من النفط , ولا مشكلة هنا , فإن كل البلدان الفقيرة هي غنية بثرواتها فقيرة بمستوى دخل أفرادها وإذا تساءلنا كيف نحل هذه ( الحزورة ) أقول إن الحل سهل , فكل الجيوب العملاقة العالمية والمحلية تأخذ معظم مردود المحاصيل وتبقي القليل لأفراد الشعوب , ولا بد هنا من طرد هذه الجيوب لكي تحل محلها الجيوب الفارغة . لقد قرأت مؤخراً بأن هناك شركتان عالميتان تسيطران على معظم المحاصيل الزراعية الهامة في العالم وتبقي القليل لأفراد الشعوب المنتجة , فهي تحتكر شراء وتسويق محصول الموز وحبوب الصويا مثلاً وتبقي للمحليين 10% من المردود المالي ويبقى المزارعون والمنتجون بأوضاع إقتصادية وصحية رديئة يشربون الماء الملوث ولا يأكلون الطعام الكافي . فيا تُرى من يسرق القوت العراقي , ولِمَ يبيت الكثير من أطفال العراق بمعدة خاوية , ولِمَ يبني اليتامى لأنفسهم بيتاً من القماش وأعواد النخيل , ولِمَ لا زال الكثير من العراقيين يعطف بعضهم على البعض الآخر رغم جو الكراهية السائد , ولِمَ نجد حبوب العقاقير المهدئة في جيوب الكثير من أبناء العراق , وعلى أي رصيف يسير العراقيون إذا كانت كل الأرصفة ملغمة بالسيارات المفخخة , ثم كيف يحرق المسلمون محصول الحنطة ويمنعون الماء عن أطفال المسلمين , وماذا أيضاً ؟ . وأعجب كيف تبقى بقية من الطيب العراقي وسط العالم الوحشي هذا , وبعد هذا لا زلنا نتحدث عن الديمقراطية , عن أي ديمقراطية تتحدثون , وكيق تُحدث غريقاً عن الديمقراطية وهو يصارع الموت ليطفو . إن ما أراه أن الناس تحتاج خبزاً وأماناً لا أحزاباً تدعي كلها الديمقراطية , لكنها حينما تعتلي صهوة الكرسي تصاب ( بالزهايمر ) وتنسى وعودها , لذا ما أراه أن الناس تريد أن يصمت الجميع وتتكلم الضمائر , وإذا كانت هناك محاولة حقيقية للتغيير فأنه مرعب , ما يجب أن يحدث لأنه تقويض لكل البنى الأساسية المادية المتعفنة بكل مرتكزاتها , وإلى أن يحدث هذا , وإذا حدث فهناك دخان وأتربة تحتاج الى وقت طويل لتهبط الى الأسفل وتصفو السماء ليظهر لونها الحقيقي .
مقالات اخرى للكاتب