إن مواقع التواصل الاجتماعي على مختلف أنواعها وطرق التعامل معها، وأيضاً طريقة عرض المعلومات فيها، حركت كثيراً من المياه الراكدة أو الساكنة في المجتمعات الإنسانية قاطبة، بل إنها أسهمت في جانب مهم يتعلق بنشر الأخبار وسرعة تناقلها، أما حول مصداقية هذه الأخبار ودقتها فهذا موضوع آخر!
إن موقعاً كتويتر أسهم بشكل واضح في أن شجعنا على أن نتحدث ونعبّر عن ميولاتنا ورغباتنا وتطلعاتنا، وفي الوقت نفسه أسهم دون أن نعلم أو حتى ونحن نعلم في كشف خلجات الروح وحديث النفس، بمعنى أنه أظهر وجهنا الحقيقي وما كنا بالأمس نحاول إخفاءه. نعم لقد أظهر موقع كتويتر الأوجه الحقيقية للكثير من الناس، فنجد أسماء رنانة في مجتمعاتنا وقد سقطت سقوطاً مدوياً بسبب كلمات قليلة لم يلق لها بال فطارت في الفضاء المعلوماتي وباتت حديث الجميع، حتى وإن عاد وحذف كلماته فإنها تبقى لدى الكثير لأنهم حفظوها.
رموز في كثير من المجتمعات دفعت ثمن الأحرف القليلة التي تكتب على تويتر لأنهم استهانوا بقيمة الكلمة وبعددها المحدود جداً، أحدهم يغرد على تويتر ويهاجم بلاده التي عاش على ثراها وتحت سمائها، وآخر يتذمر من صديقه أو زميله وهناك من يكذب ويستمرئ على هذه الممارسة، وجميع ما ينقله ويقوله مجرد أوهام من صنع عقل مريض.
هذه نماذج موجودة على هذا الأثير، لكن المشكلة الحقيقية من وجهة نظري تتعلق بفئة لها قيمة بالغة وحضور في مجتمعاتها، وهي فئة المثقفين أرباب القلم والحرف من المؤلفين والناشرين والنقاد وكل من له موضع قدم في عالم الكلمة، هؤلاء مشكلة سقوطهم أكثر ألماً وأكثر دوياً وفي اللحظة نفسها أكثر حزناً، ذلك أنهم يمتلكون المعرفة أو هي لديهم، وأيضاً يعيشون في نعيم الثقافة وتنوعها، ولكنهم وعلى الرغم من كل هذه القيم الإنسانية الجميلة تجد كلماتهم محملة بالكراهية ومهاجمة بعضهم بعضاً، والتقليل من منجزات بعضهم بعضاً.
يعيشون في ذاتية وأنانية، البعض منهم لم تعد له وظيفة إلا توجيه سيل من كلمات السخرية والتهكم ممن يصغره سناً أو ممن تجربته في التأليف حديثة، ونحن نعلم بأن السخرية والتهكم ليست نقداً، بل إنها أداة تحطم قلب وروح المبدع وتجعله يهرب ويبتعد عن التأليف، وهذا مع الأسف ما يحدث في كثير من الأحيان، تويتر وغيره، كشف لنا الكثير ممن يدعون أنهم قيم إنسانية هم أبعد ما يكونون عنها.