اصدرت محكمة العمل ببغداد في الايام الماضية قرارين مهمين بشأن حفظ حقوق العاملين في القطاع الخاص لمعالجة التسريح التعسفي في قناة الفيحاء الفضائية والكليات الاهلية لصحفيين واساتذة .
الزم القاضي عبد الخالق عمران اصحاب قناة الفيحاء بتأدية المستحقات المالية المترتبة بذمتهم اتجاه 22 منتسباً اقاموا الدعوى امام محكمة العمل ، وفي الدعوى الثانية الزم الجامعات الاهلية بإلغاء اوامر اقالات صدرت بحق استاذين كانا قد رفعا دعوى ضد ( كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة ) كلا على انفراد ودفع رواتبهما الشهرية من تاريخ انقطاعهما .
الحكمان مهمان فهما يسهمان في ترسيخ القانون في القطاع الخاص ومؤسساته ويخضعه الى القرارات والقوانين الصادرة عن الدولة .
هذه الاحكام خطوة كبيرة لإلغاء الفوارق وتغيير النظرة الى القطاع الخاص ، فالمواطنون دائماً يفضلون العمل في قطاع الدولة على العمل لدى القطاع الخاص ، وذلك للتعسف في اجراءاته وغمط حقوق العاملين فيه وانعدام الضمانات وضعف تطبيق القانون في مشاريعه ، يشكل ذلك اتجاهاً صحيحاً ينسجم مع النظام الديمقراطي وبناء دولة المؤسسات وسيادة القانون .
ففي السنوات السابقة للتغيير شن اصحاب المشاريع اي كانت نوعها وصنوف عملها هجوماً شرساً على حقوق العاملين وجعلوا منها اقطاعيات يتحكمون بها ، فكثير من هؤلاء افتتحوا ( اكشاك ) ان جاز التعبير واطلقوا عليها مؤسسات ولم يلتزموا بالقوانين السارية ، فهم يسرحون العاملين متى شاءوا وعلى مزاجهم من دون مراعاة للحقوق في الاجازات والاصابات في العمل والضغط عليهم لاداء اعمال ليست من اختصاصهم ، وترفض بعض هذه المؤسسات ابرام عقود مع العاملين تحت ذرائع شتى وبتواطؤ من المنظمات المهنية التي تمثلهم والتي لا تدقق عند منح الاجازات وتجديدها بهذه العقود .
ان القرار بخصوص قناة الفيحاء ينصف العاملين في القطاع الاعلامي المهضومة حقوقهم ويمنحهم زخماً ودفعة قوية لإقامة الدعوى ضد الصحف التي لا تتقيد بقوانين العمل وتسلبهم رواتبهم .
بعد التغيير عام 2003 لجأ بعض السياسيين الجدد الى اصدار صحف وانشاء اذاعات ووكالات انباء وغيرها من الوسائل الاعلامية ، ولكن ما ان تنتهي الاغراض التي انشئت من اجلها ، لاسيما في زمن الانتخابات حتى تغلق من دون انذار ولا تدفع نهاية خدمة للعاملين فيها ، بل حتى الرواتب المتأخرة والتي قد تكون الى شهرين او ثلاثة لكل فرد منهم والاكثر مرارة وظلماً ان الذين يأكلون حقوق العاملين هم قادة كتل وزعماء احزاب وممثلو الشعب يزعمون انهم يدافعون عن حقوقه ، ولكن يحللون الحرام الذي يمنعه القانون لأنفسهم ويصرخون بتحريمه في خداع لا يمكن التستر عليه مهما فعلوا
كيف سيدافع هؤلاء عن حقوق الشعب كيف سيدافعون عن القانون وهم ينتهكونه ، كيف نأتمنهم على المال العام وهم لا يأدون الاجر للعاملين لديهم ؟
واذ ركزنا على الصحفيين لانهم الان الاكثر عرضة للتجاوزات والانتهاكات في بعض المؤسسات ، اننا ندعو الاتحادات المهنية والنقابات الى تشكيل لجان لرصد مثل هذه الحالات ، وايقاف السياسيين الذين يستغلون نفوذهم وسطوتهم لعدم الايفاء بالتزاماتهم خصوصاً بالنسبة للصحفيين واقامة الدعاوى ضد هؤلاء والدفاع عن المنتسبين الى المنظمات ، كما ان ذلك شكل من اشكال الفساد حين يتمكن بعض ارباب العمل سرقة جهد وعمل وقوت العاملين لديهم ويفلتون بما فعلوا .
مقالات اخرى للكاتب