لا يخفى على العقلاء أن مفردة (الخبير) – خبير إعلامي – لا تطلق بصورة عمومية على كل من يكتب (تقرير الخبرة) وذلك لان لهذه الصفة منهجيتها وأصالتها وتجذرها بالعلم والمعرفة واللغة وصرف المفردة والإحاطة الكاملة بجميع جوانب القضية المطلوب فيها رأي الخبير من اجل أن تعتمده محكمة النشر بقرارها السديد وبحكمها الفيصل .
يجب أن يكون الخبير الإعلامي موضع قناعة وثقة يطمئن لها وان يكون معروفا بالتجارب بأنه الخبير الذي يحظى بالقناعة والاعتزاز والتقدير .
إذن مفهوم الخبير يشتق من المعرفة بأصل الخبرة المتجذرة في واحة العقل والتجربة والذكاء وتعتمد – الخبرة – بصورة أساسية على الاختصاص واللغة وقواعدها وصرف مفرداتها وتفكيكها . لكن السائد اليوم أن هذا المفهوم الكبير والخطير جدا اخذ يطلق على البعض من غير أهل الاختصاص ..! فالمحامي الذي يمتلك لمامة وقلة في موضوع إعلامي خاص يطلق عليه (خبيرا إعلاميا) .. والذي يتمضمض ببعض الأفكار السائدة يوصف بأنه خبير صحفي وقد يحلو لأي شخص أن يشيع عن نفسه بأنه (خبير) وهو ابعد الناس عن الخبرة الإعلامية والاختبار الصحفي والمصيبة انه لا يمتلك التجذر ولا التعليل ولا التحليل ولا الاستنتاج ويسارع بوصف نفسه بأنه الخبير المتبحر في الموضوع الفلاني أو القضية العلانية فهذا الإسفاف بإطلاق الأوصاف يدل على تبجح وادعاء لا يمتلك المحورية والإحاطة والشمولية والدقة في التعبير عن أي سند أو أساس يركن إليه .
السادة المعنيون: إن الخبير الذي يعتمد على تقريره ورأيه في حل قضايا الناس والذي يستحق هذا اللقب ينبغي بل يجب أن يمتلك خبرة تراكمية كبيرة ومجربة وقادرة على حل المعضلات الإعلامية والإشكاليات الصحفية وغيرها باقتدار مرموق وبعقل ناضج وان يكون متمكنا بتقريره على فض النزاعات والصراعات والخلافات والتقديرات المادية بعقلية مجربة وحكيمة وصائبة وعلمية وعادلة لأنه محلف من قبل المحكمة الموقرة فهذا هو الخبير الإعلامي الذي ننحني أمام خبرته وتجربته الهائلة علاوة على امتلاكه للعدل والإنصاف إضافة لابتعاده كل البعد عن بيع الضمير وشراء الخواطر وان يكون بحق خبيرا إعلاميا راضيا عن نفسه ويرتضيه الآخر وخاصة (محكمة قضايا النشر والإعلام) وهذا لا يتم ولا يكون إلا عبر تجارب يثبت فيها – الخبير الإعلامي – أصالته وقوة ورصانة رأيه المسطر بتقريره المقدم للمحكمة والذي يعبر عن عمق تفكيره وطرحه المعالج للقضايا الصحفية والإعلامية والتصريحات والكتابات بدقة ودراية وموضوعية واقتدار ملفت للنظر. فأين نجد هذا الخبير المختص بهذه المزايا ..؟؟ (مع احترامي لأهل الاختصاص والمجربين) وأين نشاهد هذا الخبير المشهود له بعمق وتزايد الخبرة المطلوبة..؟؟ .
إن الذي يؤلمنا جميعا أن هذه الصفة قد أصبحت موضع تندر وسخرية لأنها أخذت تطلق على البعض من الذين لا يفهمون أبجدية الخبرة الإعلامية والصحفية وهذا البعض امتلك هذا اللقب بالادعاء والعملقة الجوفاء وانه استفاد – هذا البعض – من تقارير الخبراء الاصلاء واعتمد ماكتب بتقاريرهم ولم يكلف نفسه إلا بتغيير أسماء الشاكي والمشتكى عليه ورقم الدعوى وتاريخها والمسميات الأخرى ..! (والخبير غير المحلف لا يعتد برأيه ولا بتقريره ويجوز الطعن به) محكمة قضايا النشر والإعلام تريد الخبير الحقيقي الذي تركن له العقول والنفوس. والذي أريد التأكيد عليه أن المحكمة الموقرة بإمكانها أن تطلب من نقابة الصحفيين العراقيين أو كلية الإعلام أو من الكلية والنقابة أن تعرف لها مجموعة من الخبراء الإعلاميين والصحفيين الذين يتفردون ويمتازون بالخبرة الفعلية والواقعية والعلم والمعرفة والاختصاص كي تستأنس المحكمة بتقاريرهم المفيدة لحسم قضايا النشر والإعلام المرفوعة لها .
إن الذي أريد قوله من خلال كل ما تقدم : إن في الأسرة الصحفية كوكبة من الخبراء الإعلاميين والصحفيين الجديرين بالاحترام والتقييم والاختصاص وأنهم أمناء على الكلمة وأصحاب ضمائر حقة ونابضة بالحق والعدالة وعلى المراجع المعنية احتضانهم والاستعانة بهم والاستفادة من خبرتهم وأرائهم الصائبة لأنهم كوكبة مضيئة وعملة صعبة نحتاجها في كل قضية ومعضلة وعلى نقابة الصحفيين العراقيين أن تختار الخبراء المدربين والممارسين والذين يمتلكون الخبرة والدراية والعلمية في تقييم الأمور المتعلقة بقضايا النشر ووزنها بميزان العقل والتعقل والمهارة والذكاء والعلم والمعرفة والحمد لله عندنا خبراء قد ابيض شعرهم من المتابعة والبحث والدراسة الجدية والتجارب المتراكمة في أي قضية من قضايا النشر وأنهم أصحاب عقول متفتحة يزنوا بها قضايا الناس بميزان لا جور فيه ولا إبهام ولا عدوان .
اعتزازي الكبير واحترامي المتواصل لكل الخبراء الذين اثبتوا الجدارة والخبرة والنقاء ومرحى لكل خبير يتحصن بخبرة عالية ودراية سامية ونفسية متسامية وأهلية عالية ومتفردة .
مقالات اخرى للكاتب