لازالت الخطوط الحمراء التي رسمها نواب ومسؤولون حول رواتب الموظفين ، ومنع الاقتراب منها بالتخفيض ، وبالذات المتقاعدين منهم واضحة بلونها القاني ، وقريبة في موعد إطلاقها ، ولم يجف حبرها بعد ، ، لكي يتوهم في قراءتها أحد من المعنيين بالموازنة ، أو غيرها ، ويقوم بالتلاعب برواتب هذه الشريحة الكبيرة ..
والخطوط الحمراء تعني إستحالة الاقتراب من الشيء الذي تحذرمنه ، ودونه خرط القتاد ، وقد ضمن من رسم هذه الخطوط كلامه عبارات أطلق العنان فيها للسانه وخياله ليختار ما يناسب خطورة ما يتحدث به ، بشكل يتعذر إختراقه ، ومع ذلك تمكنوا من اختراق هذه الخطوط بكفاءة عالية ، وعبروها ، وغيروا كل لون أحمر وتحول الى باهت ، وخفضوا الرواتب ، حتى وان كانت بنسبة يراها أصحاب الرواتب العالية ، والامتيازات الكبيرة بسيطة ، لأنهم لا يتعاملون مثل الفقير بالالف ، واجزائه من الدينار، كما هو حال شريحة كبيرة من المتقاعدين ، تحسب الايام ، وتترقب ( إطلالة ) الراتب كل شهرين ، وربما تجد من بينهم من إستلفه مسبقا ، لكي يبدأ من جديد في دوامة السلف ، لترتيب حياته الصعبة بكل مفرداتها ، وفي مقدمتها الوضع الصحي بحكم العمر ، وتخصيص نسبة كبيرة منه الى شراء الادوية ومراجعات الاطباء…
ويبدو أن لبعض المسؤولين قدرة فائقة ، ( يحسدون عليها ) ، في تبسيط الامور ، ووضع الحلول ( المناسبة !! ) للوضع المالي الصعب الذي تمر به البلاد ، فترى من بينهم من يظهر الى الملأ ليعلن أنهم تمكنوا ( بجدارة ) في معالجة الامور ، وتجاوز هذه الظروف وتقليل العجز ، وإصدار الموازنة في موعدها ، بطريقة فريدة ، تحصل لأول مرة ، وتستحق الاشادة ، والسير على نهجها ..
وهي في الحقيقية لا تحتاج الى تلك ( القدرة الفريدة ) في المناورة بالموارد ، أو البحث عن وسائل غير مطروقة لزيادتها ، أو إبتكار وسائل جديدة كتطوير الصناعة والزراعة والتصدير والسياحة ، وما الى ذلك من مصادر تتضمنها موازنات الدول المتقدمة ، وهي في تصاعد مستمر .. وازاء ذلك العجز عن ايجاد الموارد الكافية بحكم الاعتماد على النفط ، لم يكن امام المعنيين باصدارالموازنة ( هنا ) غير اللجوء الى أسهل الطرق ، وفي متناول اليد ، بتقليل الرواتب وزيادة الضرائب ، وتراجع التخصيصات للخدمات ، والبناء والتطور بمختلف مجالاته .. وكفى الله المتخصصين عناء التفكير في زيادة الموارد من مصادرها الاساسية الانتاجية والسياحية بمختلف انواعها ..
ان ما توفره الدولة جراء تخفيض الرواتب ، وبالذات المتقاعدين لا يشكل مبلغا كبيرا في الموازنة ، ويمكن أن يعوض من مصادر أخرى ، كالضرائب على مواد وسلع كمالية ، لم تتعامل بها الطبقة الفقيرة ، كما هو تعامل الطبقات العليا ، ذات الحظ الكبير ، والمال الوفير والمنصب الكبير ..
لقد أفرغت تخفيضات الرواتب حزمة الاصلاحات من مضمونها ، وحولتها الى اجراءات تقشفية ، لم تمس جوهر الامور التي ينبغي أن يطالها الاصلاح ، وفي مقدمتها المحاصصة وتبعاتها الادارية والمالية التي تثقل كاهل الموازنة ..
وقد تررد كثيرا في التصريحات والأراء التي عارضت تخفيض رواتب المتقاعدين بالذات ، انه لا يجوز المساس براتب المتقاعد ، لانه من صندوق تقاعد الموظفين ، وتساهم الدولة بجزء فيه ، ونسبة أخرى من راتب الموظف ، وليس من الموازنات السنوية .. كما أن هناك من المتقاعدين ممن يتوفاهم الله ولا يرثهم قاصر ، أو أن زوجاتهم موظفات ، او متقاعدات يستلمن راتبا .. فأين تذهب مبالغ رواتبهم ، وهي بلا شك كييرة ..؟.. أليس هذا سؤالا مشروعا ، أم للجهات المعنية رأي أخر ..؟..
نتمنى توضيحه للناس ، ما دام يتردد كثيرا دون جواب يوضح الالتباس ..
{{{{{{
كلام مفيد :
من جميل ما قرأت من تعليق على قصة يوسف في السورة التي أنزلها الله سبحانه وتعالى باسمه على رسوله الصادق الامين ( ص ) في كتابه الكريم ( أن يوسف إلتمس العذر لإخوته ، رغم ما فعلوا به ، ونحن لا نعذر أحدا ، ولو لاتفه الاسباب )..لماذا ..؟..
مقالات اخرى للكاتب