جميلٌ جدًا أن تنال مبادرتان "وطنيتان" بتوحيد الكلمة، صدرتا لغاية الساعة، ما تستحقّان من اهتمام شعبي وإعلامي وسياسيّ، لكونهما تبثان نوعًا من بصيص أملٍ بتسوية وطنية في نهاية النفق المظلم. ومثل بصيص الأمل هذا، بالرغم من التشبث به فكرًا عقائديًا وهاجسًا لا شعوريًا في آنٍ معًا، إلاّ أنه بالتالي، يبقى عنوانًا محفوفًا بشيء مختلطٍ من الرجاء والخيبة والحذر والريبة، أيضًا. فالمبادرات السابقة، ولا سّيما الصادرة عن الكتل السياسية المنتفعة من العملية السياسية، ما أحوجنا للتذكير بركاكتها وعدم وضوح رؤيتها وفقدانها للمصداقية الوطنية وقصر نظرها في رسم سياسة متزنة ومستقرّة لبلدٍ عانى طويلاً من ويلات كثيرة ومن حروبٍ مدمّرة للبشر والحجر، للفكر والحضارة، للثروة الوطنية والتنمية البشرية. كما أنّ العديد من تلك المبادرات المنقوصة، على العموم، لم يُكتب لها النجاح بسبب أزمة التقة القائمة بين الشركاء الفرقاء، وتجاهل معظمها إيثارَ المصالح العليا للوطن والشعب، وتشبثها بأنانية المكاسب الدينية والطائفية والمذهبية والفئوية والحزبية والشخصية الضيقة التي كانت السبب وراء تفاقم آلام العباد وتأزم أحوال البلاد وتعرّض مصالحها لأزمات متلاحقة أمنيًا وسياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وزراعيًا وعلميًا وتربويًا وفكريًا وتعليميًا واجتماعيًا وكل ما له صلة ببناء الأوطان ورفاهة الشعوب وحقها بالعيش الآمن.
ويأتي طرح مشروعي المبادرتين "الصحوتين الحديثتين"، الشيعية والمسيحية، في هذا الوقت الحرج من تاريخ البلاد المتأرجح بين الفوضى في العمل والصحوة بضرورة التغيير، بمثابة إشارة واضحة ببلوغ أزمة مصير العراق مفترقَ طرق صعبة: إمّا التكاتف والتصالح وتصحيح مسار العملية السياسية الأعوج بالقضاء على مكامن الفساد والفاسدين وطيّ صفحتهم وصفحة أحزابهم المتاجِرة (بكسر الياء) بالوطن وبالشعب المقهور، أو بقراءة الفاتحة على شيء كان يُسمّى العراق (شنعار)، بلدًا للحضارات التي دوّخت العالم وسادت المنطقة وأعطت من العلم والعلماء ومن القوانين ومن الأدب والشعر وما سواها ما انحنت له الرقابُ إجلالاً وما تزالُ تتذكره الأمم والبلدان وشعوبُ العالم بشيء كثير من الفخر والاعتزاز والإجلال.
من هنا، نحن نعتقد أنّ "مبادرة التحالف الوطني للتسوية الوطنية" -هذا إنْ كان الأخير صادقًا في أساريره- والباحثة عن تسوية وطنية لا تغفل في تطرقها لمجمل التحديات الرئيسية في البلاد، ومنها السياسية والاجتماعية والتاريخية والاقتصادية وحتى الأمنية التي تقضّ مضاجع المواطن البسيط، فهي تعطي إشارة واضحة بالشعور بخطر داهم. وعسى أن تكون ردٌّا شافعًا للباحثين الحقيقيين عن حلول للسلم الأهلي المفقود ولمشاكل الوطن والمواطن التي تفاقمت بسبب صراعات الأحزاب والكتل، جرّاء توجهها الطائفي الذي تبنته أحزاب الإسلام السياسيّ المتجلببة بالدين وأذيالِه بخاصة، وذلك بدعمٍ وتغطية من الغازي الأمريكي منذ بداية الغزو في 2003. فهذا المنهج الشيطاني في زرع نار الفتنة الطائفية قد نجح فيه الغزاة كالعادة وبجدارة، إلاّ أنّ البلد بالنتيجة، غرق بسببه في عواصف هوجاء من نيران الطائفية والمذهبية والعرقية وفي الفساد الذي نما وطغى وتأصلّ في مفاصل الدولة ومؤسساتها. ومن ثمّ، لم يحصد المواطن البسيط، ولاسيّما من أبناء المكوّنات الأصيلة، العرقية والدينية القليلة العدد، سوى الكراهية والتهميش والإقصاء. لا بل جرى استخدامُهم واستغلالُهم بأبشع الأساليب في صفقات ومساوات بين الكتل والأحزاب عبر التآمر من خلف الكواليس مع الغزاة ومَن معهم مِن داعمي العملية السياسية العرجاء الآخرين. وهذه هي الحقيقة التي يحاول راعي العملية السياسية ومعه الساسة المعنيون، تحويرَها وإنكارها ودفعَ التهم عنهم، كالعادة.
وبالتوازي، جاء طرح مشروع مبادرة المراجع المسيحية، كخطوة استباقية للتحذير من مغبة تجاهل المكوّن المسيحي الذي لم يحظى كغيره من المكوّنات القليلة العدد الأخرى، إلاّ بجزئيات من حقوق مواطنية من الدرجات الثانوية في سلّم الحكم بالعراق، سواء بالأمس البعيد أم القريب. فحكومة التغيير الدراماتيكي الأخير، بساستها "المراهقين" من مزدوجي الجنسية ومن أصحاب المصالح الخاصة، ومن الملتحفين بجلباب الدّين وبطانته ومن المصرّين على تكرار روزناماتهم الطائفية، والمتاجرين بآلام شعوبهم وفقرهم، والمتجاهلين أوضاعَهم المأساوية بل وكيانَهم إلاّ في أوقات الانتخابات كسبًا للأصوات، لم تقوى هذه الحكومة على إحداث تغيير في منهجها الإصلاحي المتعثّر وإنصاف هذه المكوّنات الصغيرة منذ انفجر الشعبُ وثار واحتلّ منصات التظاهر وجالَ الشوارع مطالِبًا بمقاصصة الفاسدين واستبعادهم، وإيكال العملية السياسية إلى أناس تكنوقراط ومتخصصين ووطنيين مستقلّين بعد فشل الفريق الحاكم برمّته لبناء دولة مدنية متمدنة. والسبب واضح، وهو عدم وجود نية حسنة وإرادة طيبة للتفاعل مع مطالب الشعب عامة، ومع حقوق أبناء المكوّنات الصغيرة ومساواتهم في المواطنية والحقوق على أساس مبدأ المساواة والعدل والحق مع غيرهم من أبناء الوطن. كما أنّ الدستور الذي صارَ شماعة متهرّئة للكتل والأحزاب المتنفذة في التشبث به وعدم وجود رغبة في تعديل الكثير من بنوده المجحفة بحق هذه المكوّنات المقهورة والمهمَّشة، لم ينصفها لدى كتابته بسبب سطوة الكتل الكبيرة وقادة الأحزاب على مقاليد السلطة وأدوات التشريع. يُضاف إلى هذا، تركُ الغازي الأمريكي راعي العملية السياسية، الحبلَ على الغارب عندما لم يجهد النفسَ بردع فساد الساسة وسطوتهم، وعدم فرضه الرأيَ التشاركي في العملية السياسية لجميع المكوّنات من دون تمييز من خلال تقديم المنطق الإنساني والوطنيّ في كتابة بنوده، ما قد أسهم هو الآخر بتهميش هؤلاء "المقهورين". وهذا من ضمن أسباب أزمة الثقة المتنامية من طرف العقلاء والبسطاء من عموم الشعب إزاء السلوكيات المشبوهة للغازي الأمريكي والسائرين في ركابه من دول وشعوب ممّن لم يجهدوا النفس بردع أساطين الحكم ونهيهم عن الفساد والاستئثار بكلّ شيء وحثّهم للابتعاد عن آفة المحاصصة القاتلة بسبب توجهاتهم الدينية والطائفية والعرقيّة، وتركهم يتقاسمون الكعكة بين ثلاثيّة متلازمة لغاية الساعة: العرب الشيعة والعرب السنّة والأكراد، حصرًا. لذا، لا يصحّ التركيز في رسم مبادرة التسوية الجديدة المقترحة للتحالف الوطني، على أساس خيارات سابقة أثبتت فشلَها حينما تجاهلَت أحقية مكوّنات أخرى من خارج المثلث الحاكم في الشراكة الكاملة بالوطن وسلطانه وثرواته وسياساته. وما على ذوي الشأن والدراية والسلطة إلاّ أن يصححوا الخطأ السابق، ويضمنوا الوجود التاريخي والإنساني والحضور البشريّ للمكوّنات الدينية والعرقية المختلفة عن هذا المثلث الحاكم الذي لم ينصفها فيما مضى.
وللتذكير فقط، كانت هناك قبل أكثر من عامٍ، مبادرةٌ سابقة لمراجع مسيحية معتدلة ومنفتحة للمّ وحدة الكلمة وتوحيد الخطاب المسيحي بمرجعية مسيحية سياسية مستقلّة جامعة لأحزاب متواجدة على المشهد السياسيّ ولنشطاء مدنيين مستقلّين ومثقفين وأكاديميين وأصحاب فكر. لكنّها اصطدمت بإرادات أنانية، كنسية ومدنية، وكذا من جانب أحزاب وممثليهم ممّن يعرفون فقط قولَ ما يُلقَّنون إياه من مرجعياتهم والتمسّك به بأسنانهم وبكعبِ أرجلهم خوفًا من فقدان مواقعهم ومكاسبهم وامتيازاتهم الطائفية والخاصة. وتأتي مبادرة البطريرك لويس ساكو في عينكاوا، في الأيام الخوالي، بجمع الرؤساء الروحيين لكنائس العراق وبمشاركة رؤساء الأحزاب المسيحية، للتباحث بشأن مستقبل المسيحيين، كخطوة متكررة ومؤكِّدة (بكسر الياء) لمبادرته السابقة التي استجاب لها آنذاك ذوو النوايا الطيبة، وكادت ترقى إلى مستوى تحقيق الهدف بتشكيل مرجعية مسيحية سياسية جامعة مستقلّة، تأخذ على عاتقها تسيير دفّة المكوّن المسيحي وتوحيد خطابه ومطالبه. فذات الفكرة التي سعت إلى تحقيقها لجنة هيئة الرأي سابقًا، وكاتب هذه السطور كان من بين أعضائها، ها هي تتبلور من جديد للترويج لتشكيل هذه المرجعية، تماشيًا مع مقتضيات الظرف المصيري الحالك الذي من شأنه رسم مستقبل "هوية المكوّن المسيحي" في هذا البلد، لاسيّما بعد تحرير المناطق االمغتصَبة من قبل داعش الإرهابي التي كان استولى عليها قبل أكثر من عامين في الموصل وسهل نينوى حيث التواجد الأكبر لأتباع هذا "المكوّن" المسالم. ونظرًا للأجواء المشحونة و"التكَأكُؤ" والتكالُب الباديين من جهات عديدة متنافسة تسعى للانقضاض على مناطق هذه المكوّنات، باستغلالها للظروف الأمنية وفراغ السلطة وهشاشة المواقف السياسية لدى شرائح أخرى تجهل التعامل مع حقوقها كما يجب، فقد جاءت هذه المبادرة من رئاسة الكنيسة في العراق، كي تسعى لإنقاذ ما يمكن وتضع حدودًا للصعوبات والمناكفات والسجالات بسبب تقاطع مصالح أطراف تحاول الاستئثار بالواقع الراهن. ونأمل أن تتوصل اللقاءات الأخيرة، إلى اتفاق مشترك ومقبول يسهّل التفاهم والتحاور مع شركاء الوطن الآخرين على أساس المواطنة الكاملة وغير المنقوصة وفرض وجود "المكوّن المسيحي" قبل غيرِه من التسميات، فعلاً وليسَ قولاً، فحسب.
ومع ترقب صدور اتفاق حاسم يرسم ملامح مصير هذا المكوّن الأصيل في نسيج الشعب العراقي، لينضمّ إلى مشروع مبادرة التسوية الوطنية المطروح للتحالف الوطني، يتطلّع العقلاء، مبادرةً من باقي المكوّنات الأخرى التي لم تحسمْ تشكيل مرجعياتِها بعدُ، تسهيلاً للتفاهم والتحاور وبلوغ مأرب التسوية الوطنية الشاملة والمصالحة المجتمعية الصادقة، إنْ صدقت النوايا وحسنت الأفعال لا الأقوال. فما زال المكوّنُ السنّي منشقًّا على ذاته، غيرَ جامعٍ لكلمتِه، متأرجحًا بين الردّ والصدّ، غارقًا في أحلام فقدان الحكم وعدم قبول الواقع الحاضر. فالحاضر هو الذي يبني المستقبل وليسَ الماضي القديم الذي فات وماتَ. فهذا الأخير قد أفلَ ولن يعود كما كان بصيغته السابقة. بل من الممكن عودتُه بحلّة قشيبة وهيئة عصرية مجدِّدة للفكر والروح والذهن من خلال الشراكة الكاملة، إنْ صلحت الإرادات واجتمعت الآراء حول فكرة البناء والإعمار ورأب الصدع القاتل وزوال أزمة الثقة القائمة بكلّ قوتها. وهذا ما هو مطلوب من باقي المكوّنات الأخرى التي يتشكّلُ منها نسيج المجتمع العراقي، كي يعود فاعلاً متجدّدًا قاهِرًا لكلّ العوارض القديمة التي أعاقت تقدّمَه وقطعت طريقَ تطوّره بسبب الأنانيات المقيتة وتنامي الغيرة والنفاق والرياء. علّ المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة التي تعهدت بضمان أي اتفاق وطنيّ يدعم السلم الأهلي والمصالحة، تحافظُ على وعودها، وتسعى من جهتها لتذليل الصعوبات التي تعترض ممرّات هذا الطريق الشائك.
وهذه مناسبة جديرة بدعوة أصحاب المبادرات التصالحية الحديثة، للبحث عن تسوية سياسية وطنية جامعة حقيقية وغير مرحلية، تتضمن إصلاحات جادّة تؤثر المصالح العليا للوطن والشعب على غيرها من المكاسب الطائفية والحزبية والخاصة التي تربّوا عليها وتشبثوا بها ويصرّ البعض على المضيّ فيها، بالرغم من فشلها الذريع. لقد آن الأوان أيضًا، وجدَّ الجِّدّ في هذه المرحلة المصيرية التي تقترب فيها البلاد من القضاء على أعتى تنظيم إرهابيّ أحكمَ سطوتَه على أكثر من ثلث الأراضي العراقية، للابتعاد عن البكاء على المظلوميّات الحصرية السابقة، التي أصبحت من الماضي. فمَن كان بالأمس خارج السلطة مظلومًا، قد تهيّأت له فرصة الحكم، وعليه إثبات الجدارة فيها وليسَ البكاء وزيادة وسائل اللطم والإيغال في الأدوات التي تصاحب هذه الممارسات الاستفزازية وما سواها، ممّا يزيد التخلّف والتأخر في تقدّم البلاد وتطوّرها ونمائها وكذلك في إبقائها في دائرة الفكر المتأخر عن ركب العصرنة والتمدّن. فمثل هذه الأفعال والمظاهر التي أُفرغت من محتواها العقائدي ومن قيمها الشعائرية المقدسة، لم تعد تستقيم مع ظروف البلد المصيرية، ولا تتجانس مع الحاجة لرصّ الصفوف وحشد الطاقات اللاّزمة من أجل البناء والإعمار التي تحتاجها البلاد المجروحة والغارقة في الفوضى التنفيذية لمؤسسات الدولة وغياب القانون. وهذا ما يشير إليه فراغُ المشروعات والمبادرات التقليدية المقدمة من الأحزاب والكتل الحاكمة من نفحة وطنية ثاقبة للبناء ومن غياب بُعد الرؤية لمستقبل وطن وشعب فقدا الثقة بمَن أتى بهم الغازي الأمريكي كي يحكموا بغير جدارة ولا كفاءة ولا حرص على البلاد والعباد.
هي فرصة أيضًا، للكفّ عن النفاق ووسائله المستهجنة، والابتعاد عن المزايدات الماكرة وتزايدها، والاستحياء من ممارسات صبيانية بمسح الجلابيب وإطالة الصلوات الباطلة والتنافس في المناسبات الدينية والمذهبية التي أخذت طابعًا دعائيًا لتحقيق مكاسب ضيقة وطائفية وفئوية على حساب قدسية هذه المناسبات. لقد قالت الكثير من المرجعيات الدينية المتزنة كلمتَها وأبدت رأيها فيما يجري أمام الأنظار، بل واستهجنت بعضُها مثل هذه الممارسات والطريقة التي تحاول بها أطرافٌ سياسية انتهازية توظيفَها لصالح مصالحها الخاصة على حساب الوطن والشعب. لقد كان الأجدر بالساسة بعد السقوط ومَن يقف وراءَهم، أن يكفّوا النحيب والبكاء بسبب شمّاعة المظلومية. فالجميع كان مظلومًا، هذا إنْ لمْ يكن مثلُ هذا النفر من الباكين اللاّطمين على مدار السنة، هو نفسُه قد ظلمَ نفسَه وجارَ عليها بفعل تصرّفات بالية ومتخلفة وطائفية لا تُؤكل ولا تسمّن.
كفى تذكيرًا بالماضي؟ ولنعش الحاضر ونفكر بالمستقبل. فإلى متى يبقى زعماءُ الشعب وحكّامُه يتغنون بالمظلومية وينتحبون، فيما الحكمُ والمال والجاه والثروات كلّها بأيديهم، وشعبُهم خالي الوفاض من خدمات أساسية ومن أمن واستقرار وراحة بال؟
هي فرصة بالتالي، للمكوّنات السائرة في ركاب المثلّث الحاكم أو خارجه، كي يقولوا كلمة حق بوجه الظالمين والفاسدين وناهبي الثروات الوطنية أمام أعين الشعب والمرجعيات، من دون أن ينال القضاءُ من واحدٍ كبير ومتنفذٍ من بين صفوفهم، بسبب ضعف موقفه وعدم استقلاليته والضغوط التي تُمارس عليه. فهل نترقب سياسة جديدة للأحزاب الحاكمة تُؤسّس لعصرنة "دولة مدنية" بإمكانها الخروج من النفق المظلم الذي وقعت فيه وغرقت بسببه في فوضى خلاّقة اكتنفها العنف والظلم والقهر والتهميش والقتل على الهوية والتزوير والتهديد والاستيلاء على عقارات الدولة وعلى منازل المواطن البسيط بشتى الطرق والوسائل؟ وهذا لن يحصل إلاّ بشراكة حقيقية وفاعلة لجميع الفعّاليات الاجتماعية ومكوّنات الشعب بغض النظر عن دينها وعرقها ومذاهبها وطوائفها ومسمّياتها الأخرى. فالمعادلةَ السياسيةَ للبلاد والسلمُ الأهليّ لم يكن ليكتبَ لها الانهيار إلى المدى الذي شهدناه بعد السقوط ولغاية اليوم، لولا ما حصل من اختلالٍ في العملية السياسية وسوء احترامٍ في العلاقةِ بينَ السلطةِ الفاسدة وأحزابها الانتهازية إزاء الشعبِ المقهور، وخاصة تلك التي انتهجت خطً الأيديولوجيا الدينية أو تجلببت بنهج طائفيّ مقيت كسبًا للأصوات وتقرّبًا من المرجعيات ذات التأثير الواضح في العملية السياسية.
مقالات اخرى للكاتب