لم يكن المواطن العراقي البسيط والفقير وما اكثر الفقراء في بلد يطفو على بحر من الذهب الاسود للاسف الشديد يعرف ان مسالة تعويض متضرري الفيضانات ستغدو مجرد تهدئة للخواطر ازاء الخسائر الكبيرة التي تكبدتها العوائل نتيجة اقتحام مياه المجاري القذرة الى منازلهم معانقة مياه الامطار لتخرب كل شى امامها , ونشوء احتجاجات واسعة بشأن سوء الخدمات ما دفع المسؤولين الحكوميين الى اطلاق الوعود لتعويضهم تعويضا عادلا وسريعا على حد تعبيرهم !!, وجاء موعد التعويض وزحف المواطنون الذين قدمواملفاتهم للتعويض الى الدوائر البلدية على امل الحصول على ضالتهم واذا بهم يصطدمون بالحقيقة الناصعة بان القضية برمتها مجرد لعبة يجيدها الفاسدون في هذه الدوائر البلدية المعنية , فلا اسماء لمتضررين أو غارقين حقيقيين والذين ظهرت اسماؤهم وهم على عدد الاصابع في كل حي من الاحياء بعضهم لم تتضرر منازلهم وحاجياتهم واثاثهم وان بعض الاسماء غير معروفة لآهل الحي كما يقولون, وذكر لي أحد المواطنين في حي الشهداء التابع لبلدية الرشيد والذي غرق بالكامل بان من يدفع مبلغ ربع مليون دينار يحصل على التعويض وكذلك من لديه معارف , وهناك امثلة كثيرة اخرى من قبيل حصول مؤجرفي جزء من الدار للتعويض بينما لم يحصل صاحب الدار عليه وكلاهما يسكنان نفس الداروان ابا وابنه حصلا على التعويض بينما لم يحصل عليه جارهما ...الخ!!, كما ان معظم الذين حصلواعلى مبلغ التعويض يحصلون عليه ناقصا وحين يطالبون باكمال المبلغ يتعرضون للتعنيف والطرد من قبل بعض الموظفين ’ ان مناطق جنوب غرب بغداد على سبيل المثال تظم آلآف العوائل المتضررة ولكن الذين ظهرت اسماؤهم لايتجاوز مائة وعشرين مواطنا فاين ذهبت المبالغ التي خصصت لآلاف العوائل المتضررة ؟.وان مئات العوائل تذهب يوميا وتقف لساعات امام مقرات المجالس البلدية معرضة نفسها للمخاطر الامنية لكنها تعود بخفي حنين بعد ان يتم اخبارها للعودة غدا لعدم وجود قوائم جديدة للاسماء وهكذا . ويبدو ان امانة بغداد قد شعرت بهذا الخلل فسارعت الى الاعلان عن سحب مبالغ التعويضات المخصصة للمواطنين من الدوائر البلدية الى وزارة حقوق الانسان لتقوم بتعويض المواطنين بعيدا عن الفساد وهذا ما اعلنت عنه عبر وسائل الاعلام وكذلك وزارة حقوق الانسان التي ابدت استعدادها لهذا الامر’ ولكن الدوائر البلدية على مايبدو مازالت مصرة على مواصلة هذا الصيد الثمين حينما سارعت الى الاعلان عبر وسائل الاعلام بانها مستمرة في توزيع التعويضات للمواطنين في محاولة لنفي الخبر من جانبها او تكذيبه بصورة غير مباشرة وهي بذلك تمارس عملية عدم الامتثال لقرارات الجهات المسؤولة التي تخضع لتعليماتها طالما انها على يقين بان اي مساءلة بهذا المعنى لن تطالها وهي المحمية بغطاءالمحاصصة الذي جاء ت بها لتمارس مثل هذه الافعال المنافية لابسط الالتزامات القيمية والقانونية . ان الاكتفاء بتكليف وزارة حقوق الانسان بتوزيع تعويضات المواطنين هو بحد ذاته اعتراف من الجهة المسؤولة الاعلى ( امانة بغداد) بوجود فساد حقيقي وهو اعتراف شجاع وتطور باتجاه محاربة هذا الفساد في الاقل على مستوى امانة بغداد لكن الاكتفاء بهذا الاجراء لوحده يشجع المفسدين في الدوائر البلدية وهم كثر على الاستمرار في فسادهم هذا في حالات مماثلة , ما يتطلب من الامانة ان تجري التحقيقات مع المفسدين الذين ثبت تلاعبهم لاسيما في الدوائر التابعة لبلدية الرشيد , والاهم هو تعويض المواطنين بعدالة ومن دون تمييز.
مقالات اخرى للكاتب