الانسان بطبيعته يسعى للسلطة وهي من ستقوده لاحقاً للاساءة في استخدامها عاجلا ام اجلا , ولهذا فان نشوء مبدأ الفصل بين السلطات لم يأتي عبثا بل جاء نتيجة وضرورة ملحة لايقاف اساءة استخدام السلطة من قبل الحكام , وهو يعتبر بمثابة وضع حدود للسلطة مهما كانت كي تقوم تلك الحدود بحماية الحاكم اولا من الانزلاق في الاستبداد والتحكم الانفرادي وايقاع الظلم بين الناس, وثانيا انها تحمي المحكومين الناس من ظلم الحاكم واستبداده, وبهذا سيكون نظام الحكم متجها نحو العدالة الاجتماعية وليس العكس . لقد تم تأسيس أول نموذج الأول من الفصل بين السلطات من قبل الرومان القدماء ودخل حيز الاستخدام الواسع النطاق في الجمهورية الرومانية في اطار هذا النموذج، فان الدولة مقسمة إلى سلطات، كل سلطة منفصلة ومستقلة في صلاحيات ومجالات المسؤولية. ويقصد بتقسيم السلطات هو ان تقسم إلى السلطة التنفيذية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية , السلطات مصطلح صاغه المفكر السياسي الفرنسي مونتسكيو ، وفصل السلطات هو أحد مبادِئ الديمقراطية فهو نموذج للحكم الديمقراطى للدول.وينسب أصل هذا المبدأ إلى الفلسفة السياسية للقرن الثامن عشر ، حيث ظهر في ذلك الوقت كأسلوب من اساليب الكفاح ضد الحكومات المستبدة المطلقة التي كانت تعمد إلى تركيز جميع السلطات بين يديها وهذا المبدأ يعتبر وسيلة أيضاً للتخلص من استبداد الحكام وسلطتهم المطلقة .
الاستبداد السياسي
وتتلخص الفكرة الأساسية التي يقوم عليها مبدأ الفصل بين السلطات في ضرورة توزيع السلطات الرئيسية الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية على هيئات منفصلة ومتساوية تستقل كل منها عن الأخرى في مباشرة وظيفتها حتى لا تتركز السلطة في يد واحدة فتسيء استعمالها, وتستبد بالمحكومين استبداداً ينتهي بالقضاء على حياة الناس وحقوقهم, ويعتبر مبدأ الفصل ايضاً هو عملية تحقيق التوازن والتعاون بين السلطات ، وتوفير الحياد لكل منها في مجال اختصاصها ومسؤولياتها . ولا يذكر مبدأ الفصل بين السلطات إلا مقترناً باسم الفقيه والفيلسوف الفرنسي مونتيسكي.
" ان السلطة لاتنبع الا من الجماعه " , هكذا قال الفيلسوف والمفكر أرسطو وبالتالي لايجوز ان تسُسند الى فرد أو اقلية وبنفس الوقت فان واجب الاغلبية ان تصون وتحمي حقوق الاقلية والفرد, ومادام القانون هو في الحقيقة تعبير عن ارادة الجماعة فسيحكم القانون سلوكيات وتصرفات الحكم الجماعي او حكم الشعب .
ولقد ورد ذكر فرعون في القران الكريم كرمز للاستبداد السياسي والظلم اكثر من 74مرة, ليوضح للانسان مخاطر الاستبداد السياسي للحاكم وخطورة الطغيان على بني البشر .
والتحالف المنحرف بين السلطات هدفه في الاساس قمع الحرية ومصادرة الحقوق وان رأس السلطة التنفيذية هو المنفذ لتلك البرامج والرغبات المنحرفه وكما اوضح القران الكريم " وقال فرعون ذروني اقتل موسى " .
الاستبداد الاقتصادي
هذا النوع من الاستبداد بموجبه تتكون فوارق طبقية كبيرة جدا فتبرز طبقة الاثرياء والمترفين وهي طبقة محدودة واما الطبقة المسحوقة والفقيرة الاخرى فتكون عادة هي الاكبر والاوسع والاشمل وتتجلى ظواهر الاستبداد الاقتصادي بكل وضوح هنا ويسود الظلم الاجتماعي والفساد ويتفكك المجتمع. ولقد ورد في القران الكرين ذكر قارون كمثل على الثروة والمال والاستبداد الاقتصادي , وكان قارون احد اثرياء قوم موسى " بني اسرائيل " حيث كانت لديه الكثير من الثروات كما ورد في الاية الكريمة "إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ". ان فتنة المال وكثرته كانت سببا في هلاكه لانه نسى الفقراء والمحتاجين ونسى تحقيق العدالة فكان يتمتع بكل شيء ونسى الاخرة والحساب ولقد حل عليه العذاب كما ورد في كتاب الله العزيز " فخسفنا به وبداره الارض " .
مقالات اخرى للكاتب