نحتاج أحياناً الى الأعياد لنخلق بهجة غادرتنا منذ زمن بعيد..منذ اقلعنا عن وضع فستان العيد تحت وسادتنا واحتضان السماء ونحن نحلق في أراجيح مربوطة بين النخيل ومنذ بتنا نخجل من الركوب في عربة تجرها الخيول المرهقة ونحن نصفق ونغني (بالعربانة جابوج أمينة) او نحمل حقيبة صغيرة تضم (عيدياتنا)..أعيادنا تحولت الآن الى طقس يذكرنا ببهجة غادرتنا منذ زمن بعيد..هناك أعياد أخرى قد لايتذكرها اصحابها كعيد المرأة الذي يشغل ناشطات المجتمع المدني بينما لاتعرف عنه شيئا أم محمد التي تبيع الخضر او الأرملة ام حسين التي تلاحق راتب الرعاية الاجتماعية لتعيل ايتامها وعيد العمال الذي لايعبأ به العامل مادام يخلو من مكافأة مالية او ضمان اجتماعي، وهناك اعياد تشكل عبئاً على الآخرين كعيد المعلم الذي بات يرهق الطلبة بهدايا إجبارية لرسل العلم والمعرفة اوعيد الحب الذي يجبر الشباب على التضحية بمصروفهم لشراء (دباديب) واكسسوارات حمر لكسب قلوب حبيباتهم..
وحده عيد الديمقراطية الذي يصادف في منتصف شهرايلول مر بصمت ولم يحتفل به احد في العراق رغم ان الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة دعا القادة في بيان أصدره بهذه المناسبة الى الإنصات لأصوات الناس واحترامها والاستجابة لها كما يجب سواء بصورة مباشرة او عن طريق الممثلين المنتخبين...العراقيون لم يكونوا بحاجة الى استذكار العيد او الاحتفال به لأن الحرمان من بهجة الأعياد هو مايدفع الناس الى انتظارها ونحن لانعاني من الحرمان من الديمقراطية بل من التخمة والإشباع اذ لايمر حديث او تصريح لمسؤول حكومي او حزبي إلا وقد طفرت منه مفردة الديمقراطية وقد تلحق بها الشفافية لتصبح الحياة اجمل بكثير مما هي عليه!!
ولكي ينجح تطبيق الديمقراطية في بلد حديث العهد بها كبلدنا يراد من المواطنين ان يفهموا حقوقهم وواجباتهم فهماً كاملاً وان يتمكنوا من الإجابة على أسئلة مثل:" لماذا يجب ان أصوت؟ " و" ما الذي أتوقعه توقعاً منطقياً من المسؤولين المنتخبين؟" او " ماهي حقوقي الدستورية؟" لضمان نجاح تجربة الديمقراطية في بلدانهم...ونحن في العراق ندرك جيدا اننا نصوت لشخص ويفوز شخص آخر ويمكننا ان نتوقع من المسؤولين المنتخبين أشياء كثيرة كزيادة أرصدتهم في بنوك الدول الاخرى وتمسكهم بمقاعدهم بكافة الوسائل حتى لو كان الثمن دماً عراقياً..اما الاجابة على السؤال الثالث فليست صعبة أبداً اذ ان حقوق العراقي كلها مكفولة منذ ان استقبل الديمقراطية المستوردة من الخارج بأذرع مفتوحة فحظي بنعمة دخول الستلايت والموبايل والنت وكل مفردات الحضارة وانشغل بها ولم يعد يهمه السعي وراء حقوقه الدستورية مادام هناك من يضحي بوقته ويحرم من عائلته المبعدة في دول الخارج لخدمة المواطن العراقي فيستحق على ذلك راتباً ضخماً وتقاعداً لم يحصل عليه مسؤول حكومي من قبل..
لانحتاج اذن الى الاحتفال بيوم الديمقراطية فهي نعمتنا التي يجب ان نحرص عليها من اعين الحاسدين بل يهمنا ان نحصي النعم التي أغدقتها علينا ديمقراطيتنا واهمها المشاركة في انتخابات نزيهة نقترع فيها سراً ثم نكتشف اننا منحنا ولاية ثانية وربما ثالثة بحق (دستوري وديمقراطي) جدا لشخص واحد لابديل عنه لبناء عراق ينعم بالديمقراطية الحقة،واذن يجدر بنا ان نعتبر هذا اليوم عيد ميلاد سيدنا المالكي (رجل الديمقراطية) الأوحد لنحتفل به ونغيض أعداء ديمقراطيتنا (الشفافة) جدا....
مقالات اخرى للكاتب