كان خلفاء العهود المظلمة يستبيحون اموال واعراض الناس بمباركة الهية عبر وعاظ السلاطين الذين يضفون القداسة على كل تصرف ارعن ومجرم للحالكم فلا يستطيع المحكوم الاعتراض لان ذلك سيعتبر تحديا لارادة الله الذي لاراد لامره. فلا تجد خليفة الا والمفتي الا يمينه يحلل ويحرم له مايشتهي مقابل صرر الدراهم والدنانير التي يقبضها جورا وسحتا.

منذ 30 سنة وحرمات وحقوق وحريات العراقيين تنتهك على يد الحاكم بمباركة وتقديس ليس من رجل الدين وسلطته السماوية وانما من الناطق باسم الشعب الذي لم يعينه الشعب يوما بل ولايعرفه او يسمع به وهو رئيس القضاء, باعتبارنا انتقلنا من الحكم اللاهوتي الى النظام الديمقراطي وحكم الشعب. فهو الذي يضفي "القانونية" و "الشرعية" و "الدستورية" على كل قرار يصدره الحاكم وحسب الرغبة. والاغرب من كل ذلك ان نفس الرئيس للسلطة القضائية لازال هو نفسه لم يتغير كل هذه الفترة, مع ان كل الرؤساء والوزراء والمدراء وقادة الجيش والسفراء وحتى القضاة تم استبدالهم او سجنهم او احالتهم للتقاعد او اعدامهم، الا ناعق البؤس الحرباء المتلون مدحت المحمود.

هو الذي برر وشرعن بل واقترح على المجرم المقبور صدام حسين قطع الاذن واللسان واخترع كل التخريجات القانونية لها, وهو الذي ادار استفتاء ال 99.99% في يوم "الزحف الكبير" ووقف امام سيده خاشعا حينها ليعلن ان تلك النتيجة ,المزورة بعلم الجميع, هي استفتاء شعبي ديمقراطي ابدي على رئاسته وانه لايحتاج لاي استفتاء اخر على رئاسته واعلنه قائدا مدى الحياة.

وعندما جاء الخلاص عام 2003 كان اول المنقلبين. ووقف بكل وقاحة وتحدي يردد القسم على كل من تولى القيادة بعد ولي نعمته الاول, من مجلس الحكم الى حيدر العبادي, ذلك القسم الذي يفتخر بانه هو من الفه وخطه بنفسه بفلتة عبقرية مع الامريكان. وهو الذي سرق نتائج انتخابات 2010 "بتفسيره الدستوري" الشاذ للكتلة النيابية الاكبر التي تتشكل داخل المجلس وليس التي ينتخبها الشعب. وهو الذي سرق الصلاحية التشريعية من البرلمان والهيئات الدستورية المستقلة واقرار قادة الجيش وتثبيت السفراء واعطاها لولي نعمته الجديد صخيل المالكي. كما حارب اللامركزية وسلطات الاقليم والمحافظات التي هي روح دستورنا لعام 2005 وحصرها بيد رئيس الوزراء حتى اوصلنا للفوضى التي نحن فيها الان. وتلاعب بقانون النشر والمطبوعات على هوى رئيسه فحرم وعاقب من ترشح للانتخابات ممن لايتملق لمالكيه الفاشل. وحتى في اخر ساعات صخيل في الحكم استصدر له على التليفون قرارا من المحكمة الاتحادية باولوية "دولة القانون" في اختيار رئيس الوزراء ولكن تلاحم واصرار كل الكتل السياسية الاخرى اغرق طوق الانقاذ الاخير وتم اختيار الدكتور حيدر العبادي رئيسا للوزراء بدلا من مولاه صخيل. هذا غيض من فيض دسائسه والاعيبه واجرامه.

الان هناك حملة وطنية بل واجب وطني للدعوة الى الخلاص من رئيس السلطة القضائية وحقبته السوداء يقود بعضها زملاؤه من القضاة والقانونيين الذين اطلقوا على انفسهم " حركة القضاة الأحرار" يساندها ويؤيدها كل المخلصين لهذا الوطن الساعين لوحدته وتقدمه وبناء دولة المواطنة والقانون الحقيقية.

كفى لمدحت المحمود!