في لبة المعاناة و الحروب و الهجرة ، و طلايب العراق المعرة ، قرر حطامة ابن الاغبر البغدادي اصدار جوازه و الاستعداد للطفرة ، ليترك كل شبرٍ منه سواء في بغداد او اربيل او البصرة .
فجمع الاربعة المقدسات ، و صور الاوراق و البطاقات ، و خرج في اول ضياء من يوم عراقي اخر الى دائرة الجوازات .
فلما وصل اليها تفاجا بطول الطابور ، حيث يقف على الشباك المعلم و العامل و الدكتور ، بانتظار ختم الملازم الشاب ، فبان و كان الناس تحت الشمس ، قد اصبحت تكة و كباب .
و لما كان الطابور خارجا من ساحة الاندلس واصلا الى ساحة الواثق ، فقد تحمل ابن الاغبر ذلك ، و لما وصل الى الشباك ، وسط التدافع و الزحام و العراك ، بان امام عينيه وجه الضابط المسؤول ، بوجهه المتفح ، و وجنتيه المتورده ، فقدم ابن الاغبر اوراقه اليه ، و لما راها الضابط الشاب ، اقطب حاجبيه في ارتياب ، و قال لابن الاغبر :
اذهب فطابق صورة الجوازِ ..
مع صورة الهوية باعتزازِ ..
فيما عدا ذاك فامض عني ..
لن ارض منك رشوي و ابتزازي ..
فرد ابن الاغبر :
هل ان ما تقولهُ ضروري ؟
دون مراعاة لي او شعوري ..
الناس في الحر تقف نهارا ..
و انت تحت السبلت الكنتوري ..
و غادر ابن الاغبر الى الجنسيه و قضى بها نهارا وجد السره من ساحة عدن الى ساحة الوثبة حتى اتم تغيير هويته الى صورة بخلفية بيضاء كشر بها ابن الاغبر عن اسنانه ، فقد اراد الابتسام بصورة الجواز لتصل ابتسامته الى شعوب العالم التي ستستقبله و زوجته المكروده بنت المظلوم .
ثم عاد الى الجوازات ، و لزم السرة مجددا بين الصبات ، ولما وصل الى الضابط ، نظر في اوراقه و قال :
اذهب الى شهادة الجنسية ..
و مثلما فعلت بالهوية ..
لا تدع للتصوير إختلافٍ ..
ولن ارض منك اي اكرامية ..
فقام ابن الاغبر بعمل (تحديد الكل) للسلطات و اطلق لسانه شاتما ، و ذهب الى دائرة شهادة الجنسية فوجد السره قد وصل من ساحة عنتر الى ساحة الحمزه ، و لما اتمها عاد الى الجوازات و وصل الى الضابط ، فنظر بها و قال :
اذهب الى المصرف و اصنع صكّا ..
و من مجلس البلدي كتابا زكّى ..
لتصنع الجواز كي تسافر ..
تذهب به لمكة او لعكّا ..
فطكت مرارة ابن الاغبر و ثار الدم بوجهه ، و امسك فايله و جعله الف وصلةٍ و وصله ، و شك زيكه و هلهل في وسط الحشد :
طككتوا روحي فاحتملتم طكتي ..
و القلب انشك بالفِ شكةِ ...
لا ترحموا الناس بذي العراقَ ..
و لا تتركون رحمة الله تاتي ..
ولما همّ بمغادرة الجوازات التقى صدفةً بصديقه عوانة ابن الاشعث و قد احتفل باستلامه جوازه ، فساله عن سبب انجازهم له فقال له ابن الاشعث :
بحبحتُ للضابطِ ورقاً حمرِ ..
و للشؤونِ ورقتينِ خضرِِ ..
و العرضه حالَجي له دفعتُ ..
من جيبي الافا بورقِ صُفرِ ..
فلما سمع حطامة ذلك قال قاصداً الجوازات :
يا اسرع الناس ، الا في (معاملتي) ..
انتو الحكومة و انتو الطمغه و الختمُ ..
كفي يعز عليها ان تبحبحها ..
فجيباي ليس جيوب غيري فيهما ورمُ ..
و بقي ابن الاغبر بلا جواز ، فيما كان بنو الخضراء يحملون جوازا عراقيا و اخر اجنبيا على الاقل ، مع جواز دبلوماسي !!