دفعتني مقالة المهندس ستار علي الموسومة "رئيس الوزراء أحبني رجاء أين هي شهادتك؟" لسؤال رئيس الوزراء عن ميزانية العراق لعام 2015 و البالغة 105 مليار دولار. قد يبدو سؤالي في غير محله للوهلة الاولى لكن الخبير القانوني طارق حرب أعلن ان رئيس الوزراء مسؤول عن كل شيئ يخص السياسة العامة و الميزانية العامة هي أهم ركائز السياسة العامة. وأنا اتبع نصيحة الخبير القانوني واسأل رئيس الوزراء أين هي ميزانية عام 2015 و كيف صُرفت؟ و لماذا أعلن رئيس الوزراء التقشف في دولة تملك اضخم ميزانية في الشرق الاوسط. فميزانية الاردن 11 مليار دولار و ميزانية سوريا 7 مليار دولار ميزانية قطر 62 مليار دولار؟ ميزانية العراق أكبر من ميزانية هذه الدول مجتمعة تكفيهم ماء و كهرباء و اجور و خدمات تقاعد و حماية؟ أين ذهبت المليارات؟ المليار ألف مليون و يكتب بتسع اصفار ؟ قد يحتج علي رئيس الوزراء برواتب المسؤولين و هو اولهم. طيب الا يوحد مسؤولين في هذه البلاد ام انها خلت منهم؟ الا يحصلون على رواتب ؟ اذا ما المشكلة؟ هل رواتب المسؤولين " بلعت" 105 مليار دولار؟ مستحيل والدليل ان العبادي اعلن ان اجراءاته وفرت 300 مليون دولار ( على عهدة الراوي فنحن لم نشاهد شئيا) اي وفرت أقل من مليار ماذا عن 104 مليار وسبعمائة مليون دولار أين ذهبت ولماذا لا نشعر كمواطنين بوجودها و لا نتفع منها؟ اذا كان العراق يمتلك كل هذه الاموال فلماذا لا يصرفها على ابناءه ؟ و السؤال الاهم أين تذهب هذه الاموال الطائلة؟ لحد هذه اللحظة رئيس الوزراء لا يجيب! هل قدم رئيس الوزراء تقريره النصف سنوي للبرلمان حول مصروفات الحكومة و كيف صرفت هذه الميزانية؟ لا بل هو لحد هذه اللحظة يتهرب من الحضور للبرلمان. هل يعقل ان حكومة تتملك اضخم ميزانية في الشرق الاوسط تعلن التقشف و الترشيق و تطرد الموظفين و كانها لا تملك فلسا واحد! يا اخي مصر التي بلغت ديونها 41 مليار دولار ( بما يتقرب من نصف ميزانية العراق) فيها وزارة للبيئة و لم يلغها احد بحجة التقشف و توفير راتب الوزير! طيب هل تم فعلا توفير رواتب ستة وزراء ؟ الجواب : كـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلا! لم توفر اجراءات العبادي ولو حتى راتبا واحدا من رواتب الوزراء او نواب رئيس الجمهورية! الجميع عادوا كنواب في البرلمان يستلمون رواتب و مخصصات. هل وفرت رواتب الحماية؟ كــــــــــــــــــــــلا؟ الحمايات عادوا الى مركز وزارة الداخلية ليستلموا رواتبهم من هناك
فالرواتب ماتزال تُدفع. ولكن أين ذهبت ميزانية الدولة؟ لا البرلمان و لا رئيس الوزراء و لا احد يخبرنا ما الذي حدث و يحدث!!!
سؤالي المباشر لرئيس الوزراء ايهما اولى بإلغاء وزارة البيئة ام قناة بلادي؟ قناة بلادي التي تبث لصالح حزب الدعوة و تمول بشكل كامل من ميزانية الدولة العراقية أم وزارة العلوم و التكنولوجيا؟ . لقد قام الجعفري -عندما كان رئيس وزراء- بتأسيس و تمويل قناة بلادي لتبث لصالح حزب الدعوة. حسنا لماذا تمول هذه القناة من ميزانية الدولة؟ كم يكلف حجز موقع على القنوات الفضائية تأجير استوديوهات للبث كادر فني مخرجين منتجين مراسلي اخبار محررين اجهزة صوت وصورة كاميرات و غيرها؟ كل هذه الامور تكلف مئات الاضعاف ما يكلف راتب وزير هذا اذا تم توفير راتب الوزير فالمنصب الغي لكن الراتب قائم. لماذا تم حرمان العراق من خدمات وزارة البيئة و وزارة العلوم و لكن تم الابقاء على خدمات قناة بلادي؟ كم تكلف قناة بلادي ميزانية الدولة العراقية الملايين و المليارات؟ ومع ذلك لا تلغى و لكن الوزارات البسيطة التي تخدم المواطن تلغى هل هذا منطق؟!!
سؤالي هل يحق لرئيس الوزراء ان يستخدم المال العام لخدمة الحزب؟ كلا
ان تصوير ما يعانيه العراق من فساد على انه ناجم عن دفع راتب –قل ام كثر- هو محاولة لحجب نور الشمس بأصابع اليد! كل دول العالم –حتى تلك التي توجد في مجاهل افريقيا- تدفع رواتب للمسؤولين لكن ترتيبها على مقايس النزاهة جاء متقدما! منها سوريا الاردن قطر الامارات العربية المتحدة التي تفوقت على فرنسا في اداءها و مستوى النزاهة فيها اما قطر فقد تفوقت على اسبانيا و ايطاليا والصين. ليحل العراق في قعر القائمة مع افغانستان و السودان. مرفق رابط تسلسل الدول من حيث مستوى النزاهة و كل دول العالم التي يوجد فيها وزارات للبيئة و تدفع رواتب للمسؤولين حلت بمستوى متقدم
https://www.transparency.org/cpi2014/results
ان ميزانية بحجم ميزانية العراق تكفي لمنح كل مواطن عراقي راتبا يوازي راتب الوزير لماذا لا يكون راتب كل موظف خمسة الاف دولار و يكون تقاعد 80% من راتبه ؟ هل هذا كثير؟ لا هذا هو الحال في الكويت و قطر والبحرين لبنان و سوريا وغيرها على تواضع ميزانيتها.
مشكلة العراق لم تكن يوما بسبب دفع راتب او وجود وزارة حتى يسارع العبادي بإلغاء الوزارات و اقالة المدراء و الوكلاء مشكلة العراق ان امواله تذهب للأحزاب التي تريد الهاء الناس و تحويل انظارهم عن حقيقة ما يجري! الاحزاب في العراق – واولها حزب الدعوة- استولت على ميزانية الدولة لحسابها الخاص. من اين للأحزاب المال اللازم لفتح مقرات في كل المحافظات بل واكثر من مقر؟ تعيين كادر و موظفين؟ ثاثيت المقرات و تجهيزها بأحدث و افخم الاثاث و الاجهزة. سيارات بأنواعها المختلفة اجهزة هاتف و اتصالات؟ جريدة قناة فضائية محررين و مراسلين ؟كم حزب يوجد في العراق؟ عشرة، عشرين، ثلاثين؟ كلهم واولهم حزب الدعوة يمولون من ميزانية الدولة. و حزب الدعوة يتصدر القائمة –قائمة الاحزاب التي تستولي على المال العام—لأنه تولى الحكم من عام 2005 لحد الان و نحن كعراقيين لم نحصل على فلس واحد من ميزانيتنا فهي تُقر في البرلمان ليستولي عليها حزب الدعوة مباشرة فالحزب في السلطة و الميزانية تحت امره و لا من رقيب و لا من حسيب. فالبرلمان اغلبه من حزب الدعوة فهل سيحاسب الحزب قيادته؟ بالتأكيد لا! واذا حاول اي حزب اخر "احراج" حزب الدعوة في البرلمان فيتم اسكاته بدفع " اكرامية" من الميزانية العامة فكل الاحزاب العراقية تعاني من " تضخم" في الايرادات في يعاني المواطن العراقي من تضخم في " المصروفات"
من المستفيد من هذه " الاصلاحات"؟ بالتأكيد المستفيد الوحيد هو حزب الدعوة بكل قياداته ورجالاته. حزب الدعوة لم يُشمل باي اجراء من اجراءات الترشيق فوزارته -على ضعف اداءها- بقيت على حالها! فما حاجة العراق لوزير مثل الجعفري و لوزارة خارجية بهذا الضعف و الاداء المستهجن. وزارة الخارجية –في اي بلد- مهمتها هي الدفاع عن حقوق مواطنيها و حماية مصالحهم و لكن وزارة الخارجية العراقية—بأدائها العجيب الغريب—تستنكر قبول المانيا للاجئين العراقيين—بدلا من تساعد على قبولهم و استضافتهم- وتريد الانفتاح على داعش و مع ذلك لا رئيس الوزراء و البرلمان وجّه كلمة انتقاد واحدة لوزير حزب الدعوة باعتبار ان اداءه من اروع ما يكون! وزير بهذا الاداء المستنكر كان سيواجه الويل و الثبور لكن ذلك يحدث في اي في اي دولة اخرى وليس في العراق. فالترشيق يشمل الوزارات التي لا تخدم حزب الدعوة حتى وان كانت لا تخدم العراقيين كما يشمل المناصب التي تنافس مرشحي حزب الدعوة.
دولة رئيس الوزراء أين ميزانية العراق ؟ أين 105 مليار دولار؟ كيف صُرفت و على ماذا؟ على قناة بلادي أم على مقرات حزب الدعوة؟ و لهذا حرمنا منها؟ فلو قسمت ميزانية العراق على عدد نفوس العراقيين – ثلاثين مليون نسمة—لا ستحق كل مواطن ثلاثة الاف دولار و خمسمائة اليس ذلك افضل واجدى من صرفها على قناة بلادي. و ختاما لابد ان قناة بلادي اهم من كل الوزارات التي رشقت و الموظفين الذين طردوا دون وجه حق. فلا حياة للعراق بدون قناة بلادي.
مقالات اخرى للكاتب