إن التخلف الحاصل فى كثير من دول العالم هو تخلف أداري بحت بل كل شيء سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية وحتى الدينية رغم كونها تستند على بعض الثوابت ، فالإدارة الجديدة تترك أنطباعات قوية في أعمال الدولة ومدى نجاحها والتقدم الذي تحرزه في مختلف الأنشطة التي تمارسها تلك الدولة ويمكن ملاحظة ذلك بالنظر إلى الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وغيرها فالتطور الحاصل فيها يرجع إلي التقدم الإداري المخطط لها ضمن ستراتيجيات معينة ، فالإدارة في هذه الدول تتميز بالدقة والمرونة التي تصاحب مختلف الأعمال والمعاملات التي تقدم إلى الموظفين فيها ، وبالتالي فمن الضروري التركيز على هذه الناحية ألا وهي الناحية الإدارية في كافة الدول من أجل الوصول إلي المستوى المطلوب الذي يأول ويصب في مصلحة كل مواطن فأي إهمال في الإدارة يؤدى ألي التسيب الإداري ، كون التسيب الإداري أرتبط في الإدارة بمسألة الغياب و التأخير عن العمل ويشمل التسيب الإداري العديد من الممارسات السلبية للموظف أثناء تأدية مهامه الرسمية مثل الهروب من أداء الأعمال والمعاملات المختلفة وكذلك عدم المسؤولية والوساطة في إنجاز الأعمال واستغلال المركز الوظيفي والإهمال الواضح في العلاقات العامة بالإضافة ألي انعدام الحوافز المادية والمعنوية التي تجعل الموظفين يقبلون على أعمالهم بجدية ، ويمكن ايضاح مفهوم التسيب الإداري بأنه إهمال واضح من قبل الموظف للواجبات والاعمال المنوطة به والمنصوص عليها مسبقا في القوانين واللوائح والقرارات التي تنظم الوظيفة العامة بشكل يؤدي إلى مردود سلبي على الإنتاجية وسير العمل ؛ وقد ساهم في ظاهرة التسيب الإداري وارتفاع معدلاتها ترك الأفراد لأماكن العمل أثناء ساعات الدوام الرسمي بسبب اضطرارهم للخروج إلى الأسواق والكافتريات والصلاة والحمامات او الى اي مكان اخر لتلبية حاجاتهم الضرورية التي تلزم المواطن بالحصول عليها وهذا مايسمى ( بالتسخيت ) مما ادى هذا المفهوم الى شعور المواطن باليأس التام والتذمر المستمر بسبب تأخير معاملاتهم كما في المعاملات التقاعدية او الاحوال المدنية اوالجوازات وغيرها من معاملات تخص المواطن العراقي في حياته اليومية ، وكذلك عدم بقاء الأفراد ذوي المراكز في مناصبهم لفترة تمكنهم من إثبات جدتهم وخبراتهم بحيث تسمح لهم بإنجاز الأعمال المناط بها إليهم وكذلك عدم وضع الفرد المناسب في المكان المناسب ، فمن الملاحظ ايضا ان التسيب الإداري لم يكن في موظفي الدولة البسطاء وإنما اخذ بعدا اكبر من ذلك حتى شمل اعلى المراتب الادارية في البلاد كما هو الحال في العراق ففي الزيارة الأخيرة لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري لحضور مؤتمر قمة المناخ المقام في باريس وشمل هذا الوفد عدداً كبيراً جدا من المستشارين في رئاسة الجمهورية والموظفين و (الضايجين) الذين يحاولون تغيير الجو في باريس بعيدا عن هموم العراق حتى بلغ عددهم (85) شخصاً تحت عنوان الوفد العراقي مما كلف الموازنة العراقية مبلغا ليس بالعادي ابدا رغم التقصير الواضح في عمل هذا الوفد حيث تم تضييع كلمة رئيس الجمهورية وكذلك امور كثيرة مضحكة تناقلتها وسائل السلطة الرابعة المتمثلة بالإعلام فكان ذهاب الوفد ورجوعه ادى الى مردود سلبي كونهم اضاعوا الحرث بتبذيرهم وقطعوا النسل بحماقتهم وكأن (التسخيت) بات أمرا معنويا لابد منه في حسم الضغوطات الملقاة على كاهل الموظفين العراقيين مهما بلغت رتبتهم ابتداء من رئيس الجمهورية وانتهاء بأصغر موظف في الحكومة العراقية بسبب السياسات العشوائية غير المخطط لها مسبقا ضمن اهداف معينة بل تناولوا حكم البلاد والعباد عن طريق المصادفة ليس إلا !! ولهذا فكل مافي العراق من إهمال واضح ، وتدهور مستشري ، وتراجع حاد ، ماهو الا استخفاف وعدم الجدية من قبل سياسيي العراق في رفع مستوى هذا البلد ماداموا يتخذون (المسبحة والخيرة) منطلقا لادارة البلاد عن طريق المحاولة لا عن طريق التخطيط والتعاون الدولي والخبرة الدؤوب والاختصاص ، قياسا بدول المنطقة ومواكبتهم للتقدم المستمر والتطور الوظيفي والعمل الممنهج والصدق والاحساس بالمسؤولية ، فلا يمكن النهوض بالواقع ونحن قابعون في ظلامات هؤلاء السياسين المعتقين بالخسة والنذالة والتدليس والتعفن الرجعي واعتماد مبدأ المعجزات السماوية كي تفعل فعلتها للخلاص من هيمنتهم الوقحة !! لا يمكن هذا ابدا ، بل الواجب الوطني يحتم علينا ان نرفض وبصوت جهوري هذه السياسات العبثية واستحداث خطط تعنى بالوطن والمواطنة والارتقاء بالشعب ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب والله يحب المحسنين.
مقالات اخرى للكاتب