يوم الخميس 19/9/2013 وقّع رؤساء الكتل السياسية في بغداد على ورقة تسمى وثيقة شرف وتعني أصلاح العملية السياسية لو صح التعبير حيث وضع المتنفذون في السياسة العراقية وممن اختلفوا وخلقوا الأزمات ، وممن هم السبب لوحدهم في افتعال الأزمات وإراقة الدماء وإثارة الطائفية والإقصاء ، وعن الفساد المالي والإداري ونهب ثروات الشعب من خلال توافقهم في سن قوانين تبيح السرقة القانونية ، هم سبب انعدام الخدمات وعدم تشريع القوانين التي تهم حياة المواطن العراقي ، هم سبب كل فتنة ، وستبقى سموم سياستهم التي انتهجوها تأخذ دما وتنزف أموالا وتسبب في إفقار العراقيين ردحا من الزمن...
حضرت مجلس فاتحة يوما ، سألني رجل دين سني موظف حكومي في البصرة عن عدم حضور المؤتمرات التي تدعو للوحدة الوطنية في مساجد الشيعة والسنة.. قلت له لان سبب الفتنة والقتل هم الذين يجلسون في المؤتمر، ويتحدثون بحب العراق والمواطن ، وحمايتهم خارج المسجد هي التي تقتل الناس بأمر من الجالسين في الداخل ... هذه حقيقة العملية السياسية في العراق اليوم ..ما هو السبب وكيف أصبح القتل ذلك العمل الذي يخلد صاحبه في النار ، ممارسة عادية عند السياسيين في العراق . وهل ستكون وثيقة الشرف لمن وَقّع عليها تؤدي غرضها المزعوم..!!
نحن بحاجة إلى اجتماعات مكاشفة على مستوى القواعد الشعبية دون القيادات السياسية ، لا يحضرها أي سياسي من الموجودين في السلطة اليوم لأنهم جميعا تلطخت أيديهم بالدماء وسرقة المال العام …
حين سقط النظام توقع الأخوة السنة إن الشيعة سيثارون منهم بسبب ممارسات صدام ونظامه ضد الشيعة ورموزهم طيلة 35 سنة ، ولكن هذا لم يحدث مطلقا أن قتل شيعي سنيا بداية السقوط ..، ولكن بسبب السقوط حدثت تداعيات أبعدت جميع قيادات الجيش والشرطة عن المسؤولية بسبب قرارات بريمر المقيتة ، وحين فرغت الساحة الاجتماعية من رجل الأمن ظهرت المليشيات ومارست تصفية لعدد من البعثيين المجرمين ممن سببوا تهجير وقتل واضطهاد وظلم الناس .. وكان الضحايا في جنوب العراق اغلبهم من الشيعة البعثيين وعدد قليل من السنة ، في نفس الوقت ظهرت في المنطقة الغربية شخصيات حاولت ارتداء لباس الدين وزعمت إنها تدافع عن سنة العراق ،وتزعم كبار السياسيين السنة الدفاع عن البعثيين من الفريقين .. من هنا بدأ الشرخ الاجتماعي وبدأت اللعبة الطائفية ، فأصبحت هيئة علماء المسلمين تدافع عن البعثيين وتصفهم بحمامات السلام وان تصفيتهم " الخاطئة" هي استهداف للمكون السني … وكلنا نتذكر حارث الضاري وجوقته التي تزعمت الحملة في وقتها، ولما كانت لا حكومة في العراق ولعلاقة {بعض السنة} برؤساء دول الخليج خاصة السعودية التي أغرقت الطائفة السنية بجملة قرارات خاطئة من أهمها " عدم الاشتراك في أي مؤسسة حكومية" باعتبارها تساند الاحتلال مما أتاح للشيعة فرصة ذهبية لتشكيل جيش وجهاز شرطة اغلبهم من الشيعة ..، وتشكلت في تلك الحقبة ميليشيات سنية وشيعية وحل القتل والدم بدلا من شد اللحمة والأخوة، وضاعت الأصوات المعتدلة الشريفة من الطرفين بين أصوات الأعلام النشاز وتأسست فضائيات تصب الزيت على النار في وسط أزير المفخخات ومسدسات الكاتم ودخان الحرائق.. وحين دخل السياسيون السنة العملية السياسية ، اعتبر سنة العراق الداخلين في العملية السياسية عملاء لأمريكا وإيران ، وأصبحت عبارات العرب السنة توحي بان شيعة العراق فرس وليسوا من نفس العشائر العراقية .. هذه المقدمات لم تتطرق لها وثيقة الشرف المزعومة…
واخذ الصراع الطائفي اليوم منحى آخر ، أصبحت كل خطوة سنية ينظر أليها الشيعة بريبة ، وإنها مؤامرة على الشيعة وهي وسيلة ابتزاز سياسي وتعبئة انتخابية لكتلة شيعية … يقابلها أي خطوة شيعية مؤامرة على أبناء السنة لإقصائهم وتصفيتهم بدعم من إيران .. فالتجأ هؤلاء وهؤلاء إلى جهات تدعم موقفهم وتقويهم على عدوهم المزعوم من خارج الحدود.. فأصبح الموقف يحدده العداء وليس الفكر والانتماء للوطن … كالموقف من حزب الله في لبنان رغم انه يقاتل إسرائيل عدو السنة والشيعة ، ورغم انتصاره عليها في حرب 2007 إلا إننا نسمع { من البعض} تأييدا لإسرائيل ضد حزب الله .. السبب لأنه شيعي .. وموقف العراقيين من ثورات الربيع العربي ، كان موقفا موحدا بعض الشيْ ، ولكن حين أيد شيعة العراق ثورة البحرين ، اعتبر السنة إن ثورة البحرين والتأييد الذي أعلنه نواب في البرلمان العراقي يستهدف السنة في العراق والبحرين ، وكان للشيعة موقف سلبي من تدخل قوات السعودية في البحرين ، في وقت أيد السنة ذلك التدخل … واصحب الشيعة في العراق متهمون بكل موقف سياسي انه تابع لإيران، وأصبحت القضية السورية رغم إنها دولة عربية ويقاتل فيها مرتزقة إلا انه يجب الوقوف ضد بشار الأسد ونظامه لأنه تأيده إيران وشيعة العراق .. ، حتى إن الفضائيات السنية هاجمت الأخ النجيفي لأنه زار إيران ، وانه صافح سليماني في مجلس فاتحة والدته المتوفية ، وكأنه خان العراق بسبب زيارته لإيران ولأنه صافح سليماني , في وقت سكت الجميع عن أعضاء برلمان زاروا إسرائيل علنا كمثال الالوسي ولكن أحدا من السنة لم ينتقده لأنه الوسي .. في نفس الوقت تدافع العراقية وللمرة الألف عن نزلاء معسكر اشرف في بعقوبة ، وهؤلاء كلهم فرس { ومجوس} لو صح قولهم .. سبب التأييد سياسي وليس عقائدي لأنه مظهر من مظاهر العداء للشيعة وإيران ..
وأخيرا الاعتصام في المناطق الغربية ، وما أفرزت فيها من تجاوزات من بعض المحسوبين على العملية السياسية مثل رافع العيساوي واحمد العلواني وسعيد لافي وطارق الهاشمي وأمثالهم ، الذين ركبوا الموجة ، فأي وثيقة يوقعها هؤلاء حتى نعتبر إن إنها تمثل موقف وشرف ..؟؟...وكيف اصدق كلمات الموقعين وممن وعدنا مليون مرة ولم يف بوعده .. وثيقة الشرف يجب أن يكتبها الشعب العراقي الذي وقعت عليه الكارثة ، وأفضل وثيقة شرف للسياسيين إن يسلموا أنفسهم للقضاء إن كان عندنا قضاء ليحاكموا على ما اقترفوه من جرائم بحق الشعب العراقي ..