الاحزاب الدينية العراقية تتقاتل فيما بينها على كل شيء بل ان الاقتتال داخل الحزب الواحد اقسى و امرّ لكن الاحزاب الدينية تتفق على شيء واحد يجمعها و يوحدها الا وهو كرهها و مقتها لأياد علاوي. الاحزاب الدينية العراقية فشلت فشلا ذريعا في ادارة و حكم العراق لسبب بسيط انها تنطلق من الدين كأساس لحكم بلد متعدد الطوائف و الاديان. كما ان من يختلف معها دينيا هو "عدو" يجب القضاء عليه. هذا بالإضافة الى ثقافة الانتقام المتفشية لديها فالأحزاب الدينية تريد الانتقام من عراقيو الداخل لانهم لم يتركوا العراق و تعتبرهم مؤيدو صدام ألم يكونوا يصفقون له لماذا اذا لا يصفقون لنا؟ ألم يكونوا يعطونه طاعة عمياء لماذا لا يطيعوننا نحن احسن واتقى! و الاهم من هذا و ذاك الاحزاب الدينية تستولي على المال بكل ثقة واعتزاز بالنفس لتمويل مقراتها و انصارها وقنواتها الفضائية صحفها و مجلاتها بل و حتى المؤسسات و الجمعيات التابعة لها. الاحزاب الدينية دولة داخل الدولة.
لكن اياد علاوي نجح في جمع شمل العراقيين. فلم يحدث في عهده حرب اهلية طاحنة كتلك التي حدثت في عهد الجعفري حيث انجرف العراق الى منزلق الدماء و الدمار لم ينتهي الامر الا بعد قيام القوات الامريكية بارسال تعزيزات عسكرية و زيادة قواتها على الاراضي العراقية. لقد دفعت سياسات الجعفري الدينية المتشددة البلاد الى اتون حرب اهلية عقب تفجير مرقد الامام العسكري لكن في عهد علاوي العلماني لم يتم تفجير اي مرقد لأن وزارة الداخلية كانت تدار باسلوب علمي و ليس باسلوب ديني. وزارة الداخلية في عهد الجعفري كانت تدير سجون سرية لتعذيب العراقيين كتجسيد لثقافة الانتقام المتفشية لديها واشهرها سجن الجادرية بل ان نائب رئيس الوزراء في وقتها صرّح انه سجن ضمن مجموعة من السجون و لهذا فشلت وزارة الداخلية ولم تستطع مواجهة اي تحدي قبل وقوعه بل و تورطت بأعمال اختطاف ألم يطلعنا وزيرها قائلا " لموهم مثل الخرافان" في اشارة لموظفي احد المصارف الاهلية الذين تم اختطافهم!
اما استيلاء الاحزاب الدينية على المال العام فيتم في وضح النهار و على رؤوس الاشهاد . ألم يفتتح الجعفري قناة بلادي و هو على سدة الحكم بل ان القناة –مشكورة—بثت له دعاية انتخابية لا توصف نجم عنها فوزه في الانتخابات و رفضه التنحي عن الدورة الثانية لتبقى البلاد بدون حكومة لأكثر من ستة اشهر. كم يكلف فتح قناة فضائية و ادارتها؟ كم يكلف تأجير او شراء بيوت لأداره سجون سرية؟ كم يكلف اهمال الواجبات الاساسية لأي وزارة؟ حياة الناس و ارواحهم حادثة جسر الائمة و غيرها تشهد على ذلك! جسر الائمة الذي اغلقه اياد علاوي لأنه غير صالح لاستعمال و فتحه الجعفري نكاية بعلاوي فماذا كانت النتيجة؟ دماء العراقيين. أرفق رابطين لمنظمة الشفافية العالمية في عام 2004 عندما كان اياد علاوي رئيس الوزراء احتلت العراق مركزا افضل في النزاهة و الشفافية حيث احتلت المركز السابع عشر بدءا من الاسفل متغلبا على باكستان جورجيا برغواي اندونسيا و كزاخستان و غيرها
http://www.transparency.org/cpi2014/results
https://www.transparency.org/research/cpi/cpi_2004
الجزءالثاني
لكن في عهد الاحزاب الدينية تغلبت هيتي على العراق ليستقر العراق في قعر القائمة مع الصومال وافغانسان محتلا المرتبة الخامسة من الاسفل بل ان باكستان و جورجيا تغلبت على العراق
ليستمر المالكي و العبادي على نفس النهج و أقل ما يمكن ان يقال ان سياسات كلا الرجلين نجم عنها فقدان نصف العراق لداعش ليحاول كل منهما اتهام الاخر انه السبب. المالكي الذي صرف الملايين على عصا تفتيش لا تعمل و اصرّ على استخدامها حفظا لماء وجهه. و العبادي الذي الغى نص وزارات العراق بحجة التقشف. فالعبادي مثلا يعتبر وزارة البيئة لا قيمة لها لكنه يجهل ان تمويل و انجاز اي مشروع دولي يتشرط الحصول على موافقات بيئية! نعم العالم يعيش في القرن الواحد والعشرين حيث تتحل وزارات مثل البيئة و العلوم والتكنولوجية مواقع مهمة في صنع القرار السياسي بل وتتفوق في اهميتها على وزارات الدفاع و الداخلية. لم يكتفي العبادي بذلك بل طرد نصف المدراء و الوكلاء و هو يهلل ويهتف "اصلاح اصلاح" و كان مشكلة العراق ناجمة عن وجود مدراء و وكلاء و ليس وجود احزاب دينية تتطفل على ميزانية الدولة وتستولي عليها. أن أقل ما يمكن ان يفعله رئيس وزراء اربك بهذه الشدة وجرها الى التخبط و العبث هو الاستقالة! لكن امارة ولو على حجارة ! العبادي يتخبط في كل الاتجاهات ساعة يلغي وزارات بدون وجه و ساعة اخرى يلغي مناصب غير تابعة له و ساعة يطرد الموظفين؟ ما الذي بقي من الدولة العراقية؟ لاشيئ ! و باي حق يقوم وطبقا لاي قانون تم اصدار هذه الاجراءات؟ التخويل و التفويض غير جائز اصلا فلا يمكن لمجلس النواب تخويل رئيس الوزراء صلاحيات لا يملكها مجلس النواب نفسه؟ كما لا يمكن تخويل رئيس الوزراء صلاحيات ينجم عنها الاخلال بمبدأ الفصل بين السلطات احد ركائز الدستور والا لأجتمعت كل السلطات بيد شخص واحد لنرجع الى الدكتاتورية مرة اخرى! لكن امارة ولو على حجارة فالعبادي يريد البقاء على راس الخراب الذي احدثته اصلاحاته العتيدة
ألم يحن الوقت للتخلص من الاحزاب الدينية؟ ألم يحن الوقت كي يتولى حكم العراق حكام مدنيون لا علاقة لهم بالدين؟ ألم يحن الوقت لتشريع قانون يلزم رئيس الوزراء بالاستقالة من حزبه على اقل تقدير و مراقبة صلته بحزبه ماليا و اداريا اثناء توليه الحكم؟ أم ان هذه الاجراءات ليست اصلاحا لأنه لا ينجم عنها طرد الموظفين و الغاء الوزارات و العبث بقدارات الدولة؟ ألم يحن الوقت لتشريع قانون يشترط ان يكون رئيس الوزراء مستقل غير منتمي لحزب؟ ألم يحن الوقت لتشريع قانون يشترط منح مقاعد في البرلمان للمستقلين؟ ألم يحن الوقت لاعادة النظر بقانون الانتخابات بحيث يتم فعلا تداول السلطة و ليس احتكارها من قبل نفس الاحزاب الدينية التي جرت البلد الى الدمار؟ ألم يحن الوقت لعودة العلمانيين للحكم و من بينهم اياد علاوي...نعم حان الوقت
مقالات اخرى للكاتب