سايكولوجية الفرد بكليتها وبغض النظر عن انتمائه وهويته هي تراكمية القيم والأفكار والاعراف والتجارب التي يمر بها الفرد لتكون لنا شخصية ذلك الفرد ، وبحسب ما تقدم يمكن ان نكون فكرة عما يدور في عالم أفكار شخصية ذلك الفرد ، وكيفية تفكيره وقراراته ازاء مجتمعه والتحديات التي يمر بها المجتمع من آونة الى اخرى
فشخصية الفرد المسلم تكونت بشكل مختلف عما أراد لها الاسلام ، بسبب التأويلات والاجتهادات الغير مصيبة في بعض الأحيان ، وسطحية تفكير الفرد ، وانتشار الجهل في المجتمعات الشرقية بشكل عام ، ومن ارتدى ارواب القداسة المزيفة واتبعته الجماهير وأخذت بفكره ، فمرت الشخصية الاسلامية بمرحلتي انتظار ( كما يذكر ذلك علماء الاجتماع ) اي انها لم تكن ذات ميول للمبادرة الفردية النابعة من ذات الفرد الا قليلا ً ، فالمرحلة الاولى سميت شخصيته ب( انسان الانتظار الاول ) حيث مثلت هذه الشخصية قمة الهرم ، لتظهر شخصية الفرد الخائف والمتصوف والمنشغل عن ملذات الحياة ( كما يعبر عنها ) ليتفرغ فقط للعبادة ، مما ساهم ذلك بأبعاده عن دائرة الفعل الحضاري والتأثير العالمي لفترة طويلة جدا ً جعلته يتأخر عن ركب التطور العالمي .
اما المرحلة الثانية فتمثل انسان الانتظار الثاني وهي الشخصية الثانية التي ظهرت بعدما بدأت بوادر عدم القبول بالفكرة الاولى ( الانتظار الاول ) ، فبدأ الناس يبنون مدارسهم ومساجدهم وتنظيم مجتمعاتهم ليواكبوا او يلحقوا قدر الإمكان بالتطور العالمي الذي غادرهم ، فظهرت دعوات الأخذ بالانظمة السياسية الغربية ، ولكن عاد الوعاظ للظهور مرة اخرى بالفكرة التقليدية ، ولكن بلباس اخر وهي ان كل فرد يقوم بأنتخاب ممثل له في البرلمان او الحكومة ، وهذا الممثل هو من يقوم بالعمل نيابة عن الجماهير واذا ما اخطأ او فشل فسينتظر الناخب أربعة سنوات ليقوم بعدم انتخابه كعقوبة له !!! ، فظهرت لنا مرحلة انتظار اخرى تمثل قمة بالتخلف ، لكونها تقوم بقتل المبادرة الفردية لتجعل الفرد ناقدا ً يجلس في المقاهي منتظرا ً مرور اربع سنوات ليعاقب ممثله الذي لم يغير من الواقع شيئا ً بل زاده سوءا ً ، واستمر هذا الوضع حتى باتت المجتمعات الاسلامية بعيدة كل البعد عن دائرة الفعل الحضاري مرة اخرى لانها حين سنحت لها الفرصة بتغيير واقعها في لحظة ضعف الأقطاب المسيطرة لم توفر عوامل الصحة الفكرية للفرد ، ليجعل منه منطلق للمبادرة الفردية الحرة بعيدا ً عن الحكومات المسيطرة لان الحكومات بطيئة الحركة ولا تستطيع مواكبة التطور العالمي القائم على مبادرة الفرد الذاتية بأعتباره المؤثر والفاعل الاول في حركة المجتمعات لينتزع هذا الدور من الحكومات ، فالحكومات بعد التعلمن ( العولمة ) اصبحت حكومات حارسة للنشاطات الاقتصادية والثقافية التي يطلقها الفرد ولا تتدخل الا بالحدود الدنيا لكي لا تأثر على حرية الفرد الفكرية او الاقتصادية .
مقالات اخرى للكاتب