صمتت الحكومة واكتفت بنشر بيان مقتضب من خلية الاعلام الحربي (المكتبية) لتقول أنه خطأ ولم يكن مقصودا تلاه اعتذار اقل اقتضابا من البيان من واشنطن لتقول كما يقول المصريون : احنه اسفين وبهذا الاسف ينتهي الحديث عن الدماء التي سالت، حقها الطبقة السياسية يتعاملون ببرود مع القصف الاميركي لان اولادهم ليسوا في جبهات القتال ولم يكونوا هدفا لا لواشنطن ولا لداعش ولا لابو بكر البغدادي .
لافي هذا الزمن الدماء تساوي جلسة سمر بين العراق واميركيا وتساوي مجموعة ابتسامات عبر شاشات التلفاز، واعتذار اميركي يلتهب نحيب امهات الشهداء وزوجاتهم ويحرق كذلك نظرات اليتم للاطفال الشهداء الذين ضربتهم خناجر القنابل الاميركية بحجة " الخطأ العسكري".
مسكين العراق، بلد هش وضائع، الابناء اتكاليون والقادة قاعدون عاجزون يديرون رؤوسهم ذات اليمين وذات اليسار، الحكومة مشلولة لاتستطيع الحركة إلى الامام وهي تغرد في الفيسبوك والاعلام وتتحدث عن ألف ليلة وليلة عسل عراقية وتطوي العقبات الكبيرة بسرعة غزال اعرج.
المحللون السياسيون- غالبيتهم- يرافقهم الكتاب والناشطون في الفيسبوك يقولون ويكتبون مايصعب تطبيقه على الأرض ويجاملون على امل حصولهم على " مكرمة حكومية" ويتخيلون أنهم كلما زادوا اقطاب الحكومة مدحا وغزلاً زادتهم الحكومة من نعمتها وامطرت عليهم من المنافع مالذ وطاب.
قابلت الحكومة العراقية ماجرى من عدوان اميركي على الجنود العراقيين بخجل وعين متفاجئة ومذهولة فالتحالف الدولي الذي نخر مسامعنا يرمي قنابله على اجساد اولادنا ولا لسان ينطق ولا عين ترى والقادة على رؤسهم الطير بل ابلغ من ذلك.
نعم ،يجري ذلك بسهولة، فالقادة الكبار يقبلون اليد الاجنبية وجها على وجه مقابل ابتسامة الرضا ولايحتل الدم العراقي صدارة الأولويات والهموم.
اعتذرت واشنطن، فرح العبادي وفريقه الحكومي وراح يركض إلى مأتم شهداء الجيش العراقي ليعلق نسخة من الاعتذار بجوار صور شهداء الجيش واخذ ذات الاعتذار إلى امهات الشهداء وزوجاتهم واطفالهم ليقول لهم : لاتحزنوا ولا تتأثروا فقد اعتذرت واشنطن واولادكم في الجنة أن شاء الله.
سينسى دم الجنود العراقيين الذين قتلهم الامريكان في وضح النهار مثلما نسيت من قبل الكثير من دماء الابرياء، كل مايقدر على فعله قادة العملية السياسية ان ينشروا بيانات جاهزة تتلائم مع كل ازمة .
الحقيقة المؤلمة ان العراقي ارخص بكثير من الماء الاميركي والروسي والسعودي والعراقيون وقود حرب طاحنة طويلة العمر والسياسيون -بعضهم -او -غالبيتهم-ماهم سوى متفرجين على دماء الابرياء الذين يرمونهم في فوهة الجبهات في الاراضي الملتهبة .... لنموت جمعيا امام اعتذار واشنطن التي كلفت نفسها كثيرا وليذهب العراقيون الى الجحيم ماداموا شهداء!
مقالات اخرى للكاتب